حفز نجاح سوق الأسر المنتجة التي ينظمها جهاز السياحة بالجوف للعام الثالث على التوالي بمهرجان الزيتون بمنطقة الجوف، العديد من الحرفيات لتطوير حرفهن حتى امتدت المشاركة اليوم إلى سيدات أعمال، لمسن نجاحا ملحوظا بعد خروجهن للسوق، في أعقاب أعوام طويلة من الانتظار، عرفن خلالها محدودية السوق، على الدرجة التي أفقدتهن الثقة في نجاح الحرف اليدوية. وقتها اعتبرن تلك الحرف محدودة التسويق، ولكن الأرقام التي سجلها المعرض خلال أعوامه الماضية، والنجاح في إيجاد المسوق حفزهن لزيادة الإنتاج وتطوير الحرفة تجاريا واقتصاديا، حيث تعد سوق الأسر المنتجة بالزيتون السوق الكبرى شماليا. وحاليا يشهد معرض الأسر المنتجة الذي ينظمه مهرجان الزيتون بالجوف مشاركة عدد من المعامل والمحال النسائية التي تعود ملكيتها لحرفيات شاركن في دورات سابقة للمهرجان؛ ما حفزهن على الإقبال على منتجات الأسر ونجاحها لتطوير العمل وامتلاك معامل للحرف اليدوية توظف العديد من الشابات وتدريبهن ليتحولن من حرفيات إلى سيدات أعمال يحتوين عشرات الحرفيات. حرفية السدو وفي مقدمة هذه الأجنحة يشارك معمل ترفا للسدو الذي يعود ملكيته إلى هند الجريد حرفية السدو: «عملت حرفية منذ عشرة أعوام بالسدو، وقد سبق لي أن أقمت عددا من المعارض برعاية جهاز السياحة بالجوف، ويعد هذا العام أول مشاركة رسمية في مهرجان الزيتون بالجوف في دورته الرابعة لمعمل ترفا الذي يعود ملكيته لي، وتعمل فيه 13 فتاة من الجوف براتب شهري قدره ثلاثة آلاف ريال، كما تتدرب العديد من الفتيات في المعمل على الحرف اليدوية، حيث ينتج المعمل السدو اليدوي والنسيج والتيشرتات والحلويات والمأكولات الشعبية». واعترفت «استفدت من قرض صندوق المئوية لإنشاء مشروعي الخاص، ولعل نجاح مشاركتي الأعوام الأخيرة، ووجود المسوق ورواج المنتج الذي أقوم به بوصفي حرفية، حفزني لدخول السوق بشكل أكبر، وامتلاك معمل خاص بي». الأسعار وعن أسعار السجاد والأعمال اليدوية أبانت أنها: «تتراوح بين 1500 وثمانية آلاف ريال، والخامات المستخدمة فيها الحرير والصوف والنسيج الصناعي، وإن كان النسيج الصناعي الأكثر رواجا الآن بين المستهلكين لقلة تكلفته ومحدودية سعره، والمهرجان فرصة حقيقية نسعى جاهدين لتسويق منتجاتنا من خلاله، وهو لم يصل إلى هذه المكانة لولا دعم ومتابعة أمير الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز، ومتابعة وتشجيع حرم أمير منطقة الجوف الأميرة سارة بنت عبدالله بن عبدالعزيز، الداعمة للفتيات بالجوف، كما أن لجهاز السياحة بالجوف دورا فاعلا في تسويق منتجاتنا بالرياض في المجمعات والمراكز المشهورة». المشغولات اليدوية وتحوي أجنحة المعرض جناحا للمشغولات اليدوية التي تعود ملكيته لأم فيصل صاحبة المحل النسائي جوهرة الدانة الشهير بمنطقة الجوف، الذي تواجد في إحدى المدن الترفيهية النسائية بالمنطقة. وكانت أم فيصل تعد الأفكار للمجسمات الجمالية وتصنع منها بيدها تبيع على المعارف والأقارب، إلى الدرجة التي لاقت هذه المنتجات رواجا من السيدات؛ ما حفزها لتطوير العمل، وأصبحت تمتلك محلا من كبار محال المنطقة، توظف فيه أكثر من عشر فتيات سعوديات يعدن بأفكار لمجسمات يدوية تنفذها سواعد شباب سعوديين. وترى أم فيصل في نجاح تجربتها، وكيفية تمكنها من توظيف عدد من الخريجات الذي طال انتظارهن للوظيفة، وكسر حاجز الانتظار، أنها الرغبة في داخل الفتيات: «أتوقع لهن التطور في إمكانياتهن كما حدث معي، ويصبحن في المستقبل سيدات أعمال يمتلكن محال ومعامل مستقلة». وعن الإقبال على المنتج الذي تسوقه أشارت إلى أن: «الزبون يجد لدينا شيئا مختلفا ونادرا، لا يجده عند غيرنا، فيحرص على شرائه، كما أن السيدات يشعرن بالراحة من التسوق من بنات جنسهن، حيث تبيع الرومانسيات، وعددا من المسلتزمات الخاصة للنساء التي توقع النساء في الحرج في شرائها من الرجال، ومحلي اليوم إضافة لكونه مشروعا تجاريا، أعتقد أنه قدم خدمة اجتماعية لسيدات الجوف، حيث وظف العديد منهن ووفر لهن المكان المناسب للتسوق براحة تامة، لذا أدرس حاليا تطوير أعمالي مع سيدات من الجوف، والعمل على افتتاح مطعم شعبي نسائي بالمنطقة، بعد تسجيل النجاح بمشروعي الحالي، وأشكر جهاز السياحة بالجوف لما يبذله في سبيل دعم الأسر المنتجة في مقدمتها هذه التظاهرة التسويقية للأسر كل عام». منتجات الأثير وفي سياق نجاح تجارب الحرفيات والأسر المنتجة وتطويرها وتحولها إلى منتجات بحجم تجاري يشهد المعرض مشاركة لأم أثير صاحبة منتجات الأثير التي تنافس أعرق محال الحلويات بمنطقة الجوف. ولم تعد مشاركة أم أثير تقتصر على جناح بمهرجان أو البيع على جاراتها كما تقول بالسابق حيث بدأت تجربتها ببيع الحلويات على جاراتها ومعارفها وتطلب منهن إبلاغ المعارف والأصدقاء بمنتجاتها، واليوم منتجات الأثير تتواجد بالعديد من محال الجوف ولها أسماؤها الخاصة والمستقلة بها التي عرفت عنها. أم أثير أدركت الأصول التسويقية الصحيحة لمنتجاتها بعد مشاركاتها بمعارض الأسر المنتجة وخروجها فعليا للسوق، فاليوم تجد لديها بروشورا خاصا توزعه على الزوار ودعايات بجنبات المعرض، وقد حولت منزلها لمعمل للحلويات ينتج العديد من الأصناف بكميات كبيرة يوميا تخرجها للأسواق، وترى أن لها الكثير من الزبائن، وتوفق يوميا لبيع منتجاتها خلال ساعات من خلال جناحها، كما تعود للمنزل محملة بعدد من الطلبات لليوم التالي. جناح العطور وهناك أيضا جناح أم خالد للعطور والعود فهي تمتلك عطورا خاصة بها، وهي من ابتكرت خلطاتها العطرية الخاصة، ولديها معمول الخاص بها: «بدأت بصناعة مخلطات العطور وعطر الوفاحات، والتسويق على من حولي بعلب المياه الصغيرة التي أجمعها بعد فراغها وتطورت إمكانياتي وحفزني رواج المنتج وأصبحت اليوم أتعامل مع شركات كبيرة أشتري منها كميات كبيرة من العطور، وأقوم بصناعة مخلطات خاصة بي أطلقت عليها أسماء خاصة، وأصبحت أتعامل مع معامل حديثة لتصنيع العلب بهذه الأسماء وتطورت الحرفة لدي، وأصبحت أمتلك محلي الخاص بي، أسوق فيه عطور الجوري الاسم الذي اخترته لمعملي، الذي يحتويه منزلي الخاص، ويعمل فيه كل أفراد الأسرة الذين أصبحوا اليوم يتقنون الصنعة، كما أشتري العطور وأغلفها بتغليفات خاصة وأجهزها كهدايا». المأكولات الشعبية كما تشهد أجنحة المأكولات الشعبية والحلويات المصنوعة منزليا والمشاركة بمعرض الأسر المنتجة بمهرجان الزيتون الرابع إقبالا كبيرا من زوار المهرجان الذين أصبحوا يتوافدون على المهرجان بحثا عن جريش أم خالد، وحلى السدو من أم أثير، كما يعرض بأجنحة المأكولات الشعبية عدد من الأكلات التي اشتهرت بها نساء منطقة الجوف، حيث تعرض المحاشي والفطائر والكبسة والحلويات والذرة. أم خالد على سبيل المثال يتوافد يوميا لجناحها عشرات الزبائن الذين يحضرون خصيصا للمأكولات الشعبية وذلك بسبب عدم وجود هذه المأكولات في السوق: «ولله الحمد لا أعد لمنزلي يوميا ومعي شيء مما أحضرته، بل أتمكن من بيعه خلال ساعتين من افتتاح المعرض، ولو كان لدي مزيد من الوقت لاستطعت إنتاج أكبر من ذلك، لأنني على ثقة تامة بتسويقه»، مشيرة إلى أن منزلها تحول إلى مطبخ كبير تديره بنفسها هي وعائلتها. وترى أم أثير أن المهرجانات المسوق الأول في المنطقة، مبينة أنها لا تعود أيضا لمنزلها بشيء من الحلويات، بل إنها تعود بقائمة من الطلبات تحضرها معها لليوم التالي، وتشير إلى أنها تعد الحلويات بنفسها في منزلها ولها عدد من الأسماء التي أطلقتها مثل حلى الماركة، وحلى السدو، وتؤكد أن صناعته المنزلية وطعمه المميز وترتيبه سبب جذب الزبائن: «ولله الحمد لم نجد فرصة أفضل من المهرجانات لتسويق إنتاجنا، وعلينا أن نشيد بتوجيه أمير منطقة الجوف لعقد سوق شهرية للأسر المنتجة». دعم سياحي من جهة أخرى أوضح المدير التنفيذي لجهاز السياحة بمنطقة الجوف حسين الخليفة ل «شمس» أن منطقة الجوف تسعى جاهدة لتوفير التميز لهذه الأسر المنتجة، بناء على دعم وتوجيهات أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز «حيث حرص على تخصيص سوق متخصصة للأسر المنتجة على مدار العام، على أن تكون يومين من نهاية كل شهر وبدون مقابل، إضافة إلى أن هناك سوقا محلية بدومة الجندل، وذلك لبيع المنتجات المحلية، ونعرض منتجات هذه الأسر في بعض الأسواق الكبرى بمدينة الرياض، حيث نلمس تطورا كبيرا بالحرف اليدوية مع كل عام، وبدأ هذا التطور يتضح بعد أن وجدت الأسر المنتجة ضالتها عبر التسويق، حيث كانت تسوق داخل منازلها داخل إطار، ومنطقة محدودة تحد من الرواج للمنتج وبيعه؛ ما جعل الكثير من الأسر تكف عن الإنتاج، ولكن اليوم بعد إشراكها بالمهرجانات وإيجاد الطريق للتسويق أصبحت تنتج وتتطور». تجربة المهرجانات وأشاد الخليفة بتجربة مهرجان الزيتون التي بدأت بأربع عارضات في الدورة الأولى واليوم في الدورة الرابعة يسجل 150 عارضة، ولم يتزايد هذا العدد بهذه الفترة البسيطة إلا من واقع نجاح كبير سجلته الأسر المشاركة في المعرض. وعن دعم الأسر بين أن: «هناك عشرات الجهات تبادر، وتسعى لدعم الأسر وتمكينها من فتح مشاريع خاصة بها، وعلى رأسها هيئة السياحة التي تسعى جاهدة بتوجيهات رئيسها الأمير سلطان بن سلمان لدعم الأسر وتطويرها وإشراكها بالعملية السياحية لتوفير دخل اقتصادي جيد لها، ولعل معرض الأسر المنتجة بالمهرجان نقطة تحول للأسر بالجوف، التي استطاعت أن تقنع المجتمع المحلي بهذه الخطوة، وأن يكون البائع امرأة، واكتسبت الأسر المشاركة الخبرة الكافية لمعرفة متطلبات السوق، وما يرضي أذواق المتسوقين، وفتح المعرض لهن الأبواب التي كانت تجهلها السيدات في أصول التسويق ومتطلباته حيث اكتشفن فرصا جديدة سيعملن على استثمارها في المناسبات المقبلة، وذلك كان هدفا رئيسيا لإشراك الأسر المنتجة». رصد الآراء وبين الخليفة أن مركز ماس وظف فتاتين وشابين لرصد آراء الزوار حول مهرجان الزيتون وإعداد الإحصاءات للمهرجان، مشيرا إلى أن المركز يجمع المعلومات ويعمل أبحاثا تتعلق بقطاع السياحة في المملكة، ويتم تخزين جميع المعلومات التي يتم جمعها وتحصيلها في قاعدة بيانات إلكترونية مؤمنة؛ ما يساعد المركز على تصنيفها ومن ثم نشرها بشكل يمكن جميع المستخدمين من الاستفادة منها، وجميع العاملين في قطاع السياحة سيستفيدون من هذه المعلومات مثل المستثمرين، المشغلين، الباحثين، القطاع العام، المنشآت العالمية بالإضافة إلى المسافرين، وبطبيعة الحال سيتم تقديم المعلومات بأشكال متنوعة وذلك لسد الحاجات المختلفة». وأوضح أن المركز ينفذ حاليا برنامج مسوحات متكامل يهدف لقياس السياحة الوافدة والمغادرة والمحلية، وستزود هذه المسوحات المركز بمعلومات شاملة عن أعداد وتصنيف السياح، وكذلك خصائص رحلاتهم، كما بدأ المركز بجمع إحصاءات قطاع الإيواء للتمكن من المتابعة الدقيقة لاستخدام الفنادق والوحدات السكنية في المملكة، بالإضافة إلى أن دليل الخدمات السياحية يحتوي على معلومات مختلفة تهم المسافر والعاملين في مجال السياحة مثل أماكن السكن والإعاشة، والأنشطة المختلفة التي يمكن ممارستها، وخدمات المواصلات، والخدمات التجارية»