أعلن الرئيس المصري حسني مبارك مساء أمس تفويض سلطاته لنائبه عمر سليمان في اختصاصات رئيس الجمهورية وفق ما يحدده الدستور، في خطاب متلفز بثه التليفزيون المصري ونقلته عدة قنوات فضائية، وذلك في أعقاب المظاهرات العارمة التي تشهدها المدن المصرية منذ 25 يناير الماضي. وحذر مبارك من خطورة استمرار حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع المصري، مؤكدا أنها ربما تخلق أوضاعا يصبح معها «الشباب الذي دعا إلى التغيير» أول المتضررين منها. وأضاف مبارك أن الحوار الوطني أسفر عن توافق مبدئي في المواقف، وأنه يتعين مواصلته للوصول إلى خريطة طريق واضحة بجدول زمني. وقال إن دماء شهداء وجرحى المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ 25 يناير لن تضيع هدرا. وشدد على أنه سيعاقب المسؤولين عن المصادمات التي حدثت بين المتظاهرين وقوات الأمن. وأكد الرئيس المصري أنه يرفض الاستماع إلى أي إملاءات من الخارج، مؤكدا أنه ماض في عملية الانتقال للسلطة حتى سبتمبر المقبل. فيما ثار المتظاهرون في ميدان التحرير غضبا لعدم إعلان الرئيس حسني مبارك تنحيه الفوري عن السلطة وطالبوا الجيش بالانضمام إليهم في ثورتهم. من جهته دعا نائب الرئيس المصري عمر سليمان الشباب المصري للعودة إلى «ديارهم وأعمالهم»، مؤكدا أن «حركة شباب 25 يناير نجحت في إحداث تغيير مهم في مسار الديموقراطية». وفي وقت سابق للخطاب، سادت أجواء حماسية مشوبة بالترقب بين المتظاهرين في ميدان التحرير بعد إعلان الجيش تأييده «المطالب المشروعة للشعب»، في بيان أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة حمل الرقم «1»، وأخذ المتظاهرون يهتفون «الجيش والشعب يد واحدة»، فيما لم يسجل أي تحرك لقوات الجيش المتمركزة بدباباتها حول الميدان. وتوقع معظم المتظاهرين في الميدان حدوث شيء ما خصوصا بعد إعلان التليفزيون المصري أن الرئيس مبارك سيوجه بيانا إلى الأمة. ولم يحدث أن أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أي بيانات وأعطاها أرقاما منذ حرب أكتوبر 1973. وكان التليفزيون أوضح أن الرئيس مبارك اجتمع مع نائبه عمر سليمان في مقر الرئاسة بمصر الجديدة. وأظهر صورة لمبارك مجتمعا مع سليمان، غير أنه ليس هناك ما يؤكد موعد التقاط هذه الصورة. وبعد ذلك أوضح أن الرئيس مبارك اجتمع بعد ذلك مع رئيس الوزراء أحمد شفيق. وبموجب الدستور المصري الراهن، فإنه في حالة تنحي رئيس الجمهورية يتولى الرئاسة بشكل مؤقت رئيس مجلس الشعب على أن تجرى انتخابات رئاسية جديدة في غضون 60 يوما. وعلى صعيد آخر، أفاد المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي روبرت جيبس بأنه جرى اطلاع الرئيس باراك أوباما على «الوضع المتقلب» السائد في مصر خلال تنقله عبر طائرته في شمال أمريكا، رافضا التعليق على إمكانية تنحي الرئيس حسني مبارك. وقال جيبس للصحافيين من على متن الطائرة الرئاسية إن أوباما الذي كان متجها إلى ولاية ميتشيجن للإشادة بتطور الإنترنت السريع هناك واجتمع قبل سفره مع مستشاره للأمن القومي توم دونيلون. ثم اطلع على معلومات إضافية خلال الرحلة وأعلن أن العالم يشهد كتابة تاريخ جديد في مصر في الوقت الذي يترقب فيه إعلان الرئيس مبارك ترك السلطة بصورة وشيكة. ومع الإشارة إلى أن الوضع يبقى غامضا في القاهرة، أكد أوباما أن «ما هو واضح بالتأكيد هو أننا نشهد كتابة التاريخ»