تمثيل: بورا التاس – أردال بسكجالي تولين أوزين. سيناريو وإخراج: سميح قبلان أغلو النوع: دراما اجتماعية هي العلاقة بين الإنسان والطبيعة حين تصير الملجأ الحامي من تعقيدات العلاقات وصعوبة التواصل بين البشر، وغياب الأحبة والراعي الملهم. تلك هي «الثيمة» الرئيسية التي يرفعها فيلم «عسل» ليحمل عليها مقولاته ورسائله عن الحياة والعلاقات البشرية، وخصوصا ضمن الأسرة الواحدة كعلاقة الأب والابن. تدور أحداث الفيلم في قرية تركية تكمن في قمم الجبال معزولة، وفي البداية نشاهد الوالد «يعقوب»، الذي يعمل في «قطف العسل»، وهو يقوم بوضع خلية للنحل في أعالي شجرة ثم ينكسر الغصن الذي يقف عليه ويسقط. ثم تبحر بنا مشاهد «الفلاش باك» باسترجاع لقصة الصبي «يوسف» بن يعقوب، فيوسف الصغير يعيش حالة ارتباك بسبب «التلعثم» التي يعاني منه أثناء النطق تجعله قليل الكلام حد الصمت، وتجعله أشد انطوائية، فهو طفل ليس له أصدقاء في المدرسة، ولكن يبقى متنفسه الوحيد علاقته مع والده، حيث يأخذه معه أحيانا إلى الغابة في الأماكن التي يضع فيها خلايا النحل. وفي يوم يلاحظ الأب اختفاء النحل من المنطقة، فيقرر الذهاب إلى منطقة أبعد لوضع خلاياه، وبعد يومين تبدأ الزوجة «زهرة» بالقلق عليه، ويتابع الفيلم ما تمر به العائلة الصغيرة. ففي يوم يقرر فيه الأستاذ أن يمنح يوسف وسام تقدير لا يستحقه تشجيعا له على تجاوز عثرات نطقه، وفيه يعود إلى البيت ليسمع من الشرطي فشل الشرطة في العثور على أبيه، فيرمي حقيبته ويهرع إلى الغابات الكثيفة، ويهديه إلى الطريق صقر رباه أبوه. لينتهي الفيلم بمشهد للصبي وهو جالس يستند إلى جذع شجرة وقد هبط الظلام وساد الصمت، موحيا أن أباه قد مات. الفيلم هو الجزء الأخير من ثلاثية «بيض» و«حليب» للمخرج التركي «سميح قبلان أوغلو» وفي «عسل» يقدم أوغلو رؤية شعرية تأملية وجودية عبر لوحات صامتة في الغالب ليعمق اللحظة والشعور فيها، فجاء التركيز على لقطات طويلة وإيقاع بطيء للأحداث لتبرز انفعال الشخصيات وتوترها، وغياب تام للموسيقى التصويرية عن أجواء الفيلم. فاز الفيلم بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي، وكان تعليق مخرجه أوغلو خلال تسلمه الجائزة من الواضح «أن الدببة تحب العسل».