ساعدت شرائح الاتصالات مجهولة البيانات في زيادة نسبة البلاغات الكاذبة التي ترد إلى غرف عمليات الدفاع المدني، وهو الأمر الذي يشكل ضغطا على الفرق العاملة ويؤخر وصول الخدمة إلى مستحقيها الفعليين، وهو ما قد ينجم عنه خسائر في الأرواح والممتلكات. وبحسب إحصاءات رسمية فقد ارتفع عدد البلاغات الكاذبة من 806 بلاغات في 1428 إلى 913 بلاغا في 1429 كانت معظمها تتركز في منطقة مكةالمكرمة، وهو ما يشير إلى فجوة سلوكية يجب الانتباه لها خاصة بين صغار السن والمراهقين عبر تكثيف الجرعات التوعوية والإرشادية، مع أهمية اتخاذ الإجراءات النظامية الصارمة التي تحد من مثل هذه الأفعال. وأكد الناطق الإعلامي بإدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة المقدم علي خضران المنتشري ل «شمس» أن تساهل شركات الاتصالات في ضبط الشرائح المجهولة وغير المتضمنة أي بيانات، شجع بعض الناس على استغلالها في البلاغات الكاذبة التي ترد إلى الدفاع المدني. وذكر أن غرفة العمليات في العاصمة المقدسة تلقت في 1431 فقط 105 بلاغات كاذبة، وكانت سببا في تحرك فرق متنوعة الاختصاص إلى الأماكن والمواقع التي تمت الإشارة إليها في تلك البلاغات: «بعد اكتشاف كذب البلاغات يكون هناك تحقيق للوصول إلى مصدرها إلا أن العقبة التي تواجههم هي أن أرقام الهواتف الصادرة عنها تلك البلاغات لا تحمل أي بيانات يمكن الوصول من خلالها إلى أصحابها». وشدد المقدم علي المنتشري على مواصلة رجال الدفاع المدني مهام واجباتهم على نفس الوتيرة انطلاقا من الوازعين الديني والوطني ولن يتخاذلوا أبدا في مباشرة كل البلاغات التي تردهم وأخذها على محمل الجد رغم احتمالية أن يكون بعضها صادرا من مراهقين يريدون العبث «أهمية دور وواجبات القطاع الذي نعمل فيه يجعلهم يأخذون جميع ما يرد إليهم من البلاغات على محمل الجد وبعيدا فالاحتمالات والتكهنات لا مكان لها إطلاقا لدى رجال الدفاع المدني». وبخصوص العقوبات التي تطول المتورطين في تلك البلاغات قال إن البلاغات الكاذبة للجهات الأمنية، ومنها الدفاع المدني هي بلا شك تنظر من الناحية الإجرامية وتصل فيها العقوبات إلى حد التعزير بحسب القضاء الشرعي عقب استيفاء الجهة المعنية تحقيقاتها. ودعا المقدم المنتشري شركات الاتصال بالتقيد بالتوجيهات المسبقة من أجل خدمة الصالح العام والاستفادة الكاملة من عامل الوقت والجهد لفرق الدفاع المدني بما هو أحق. من جانب آخر وصف المحلل النفسي أستاذ الدراسات والبحوث الاجتماعية الدكتور هاني الغامدي مصدري البلاغات الكاذبة بالمراهقين «غير الأسوياء» الذين يعانون انحرافا سلوكيا، وجبلوا على الكذب، ويعانون ضعفا في المكانة الاجتماعية وهو ما يدفعهم إلى تعويضه بهذا السلوك غير السوي حتى يشعروا بذواتهم. مشيرا إلى أن أغلبهم من طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية. وطالب بعدم التهاون مع هذه الفئة من قبل الجهات الأمنية وجهات الاختصاص لخطورة فعلهم واحتمالية أن يكون من دواعي تأخر مباشرة البلاغات الحقيقية والشك في مصداقيتها. ودعا إلى تشديد دور الإعلام فيما يتعلق بالأنشطة التوعوية والإرشادية حول هذه المشكلة بتوضيح أبعادها وخطورتها في احتمال تعرض أبرياء للأذى. كما دعا أئمة المساجد والخطباء إلى تكثيف الدروس الوعظية عبر منابرهم لتعم الفائدة، كما أشار إلى أهمية دور المؤسسات التعليمية في تثقيف طلابها وتوضيح خطورة مثل هذه السلوكيات لأنها تتعلق بحياة وممتلكات الناس. وكانت الجهات المختصة في جدة تحقق في مجموعة من البلاغات، التي وردت إلى غرف عمليات الدفاع المدني والمرور والهلال الأحمر، والتي اتضح أن من بينها نحو 4 % من البلاغات الكاذبة «إزعاج سلطات». وكشف مصدر مسؤول ل «شمس» أن نسبة البلاغات الكاذبة التي سجلت في جدة عالية جدا، وذلك قبيل أحداث السيول والأمطار الأخيرة، وأضاف «الجهات التي تلقت البلاغات تعاملت معها بشكل مباشر وسريع، وتم تحريك فرق للسيطرة على الوضع، لكن الفرق كانت تكتشف كيديتها في حال مباشرتها، وتعود من حيث أتت». وأبان المصدر أن هناك مخاطبات تمت بين الدفاع المدني وجهات أمنية وشركات الاتصالات الثلاث، على خلفية ورود بلاغات كاذبة، تورط فيها مجهولون لا يزال البحث جاريا عنهم. وعلمت «شمس» أن هناك دراسات مختلفة للتعامل مع هذه البلاغات عبر تحديد عنوان وموقع المتصل، ووضع آلية لمنع تكرار البلاغات الكاذبة ووقفها وضبط المتورطين فيها بسرعة ومنع هروبهم وتطبيق النظام بحقهم .