مشاريع عديدة بمليارات الريالات تم ترسيتها خلال السنة الماضية لشركات المقاولات الكبرى، وهم معدودون ومعروفون، في حين يبقى التنفيذ من باطن إلى باطن إلى باطن، دون أن تعرف بواطن الأمور، ومقارنة بسيطة وسريعة بين شركات الاتصال والبنوك من جهة وبين شركات المقاولات الكبرى من جهة أخرى، توضح الإجحاف الذي يمارسه الإعلام والعامة تجاه شركات الاتصال والبنوك، فشركات المقاولات كون عملها لا يتطلب احتكاكا مباشرا بالعموم، ولا تعاملات يومية معهم، فيفضلون التواري والصمت، والاكتفاء بعقود المشاريع الحكومية، في حين لا تبلغ نسب السعودة لديهم مثيلاتها في البنوك والاتصالات، ولا حتى ما تصرفه شركات الاتصال على مشاريع اجتماعية أو تنمية مستدامة أو على الأقل مشاريع خيرية! ورغم هذا يحظى قطاعا الاتصالات والبنوك بأغلب الانتقاد والمطالبات بالمساهمة في التنمية الاجتماعية! ما حدث في جدة من كارثة الأمطار، يعتبر درسا في التضامن الاجتماعي قدمه الشباب والشابات، ساندهم فيه متطوعون من الشرقية والرياض، ولكن ماذا عن شركاتنا الوطنية؟ باستثناء ما قدمته شركات قطاع الاتصالات، لم يعلن أو يظهر أيّ شيء آخر، ومهما تمت مطالبة رجال الأعمال بالمبادرة للتبرع والمساعدة، تظل أنشطتهم فردية ومن أموالهم، في حين شركات المقاولات لدينا لا يطبق عليها شروط «برنامج التوازن الاقتصادي» مثلا، بما يعود بالنفع على البلد والمواطن، أو اقتصار المشاريع الحكومية الكبرى على شركات المقاولات المدرجة في سوق الأسهم السعودي، انتظرت ويبدو أن انتظاري سيطول حتى تبادر شركة مقاولات بالتبرع بإصلاح متر واحد مجانا من شارع أو حي أو رصيف أو سور أو حتى بوابة، مساهمة منهم في رفع الضرر عن أهالي جدة، وأنا هنا لا أود أن أذكرهم بالاسم مع أن المشاريع الحكومية التي تمت ترسيتها عليهم ذكرت علنا، وهم مع كلّ كارثة تحلّ بنا، يبدؤون بشحذ هممهم لاقتسام مناقصات جديدة، ومع كل خيرٍ يهطل مع الميزانية يبتسمون ويستعدون لاقتناص مشاريع جديدة، فهم مع «الفلوس» فقط في السراء والضراء، ولا يُرتجى منهم شيء، حتى لو كنتُ سيئ الظن.