تتابعت الأحداث في مصر، أمس، بصورة متسارعة بدأت بتقديم حكومة رئيس الوزراء أحمد نظيف استقالتها رسميا، على خلفية قرار الرئيس حسني مبارك بإقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة في محاولة لتهدئة أخطر احتجاجات شعبية تطالب بتنحيه أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والمصابين. واحتشد آلاف المحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة متحدين قرار حظر التجول ومطالبين لليوم الخامس على التوالي برحيل الرئيس. وفي تطور لافت، أعلن رسميا عن تعيين رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية وتكليف وزير الطيران المدني الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة الجديدة. أدى عمر سليمان اليمين الدستورية نائبا لرئيس الجمهورية، مساء أمس. وهي المرة الأولى منذ تولى الرئيس مبارك السلطة قبل 30 عاما التي يعين فيها نائبا لرئيس الجمهورية. ويقوم اللواء سليمان بدور سياسي هام منذ عدة أعوام فهو مسؤول عن جميع ملفات السياسة الخارجية الحساسة، ومن بينها على وجه الخصوص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأعلن التليفزيون المصري أن أمين تنظيم الحزب الوطني الحاكم أحمد عز، الذي يعد الرجل الثالث في النظام بعد مبارك ونجله، استقال من موقعه في الحزب وقبلت استقالته؛ موضحا أنها تأتي في إطار الإصلاحات التي وعد بها مبارك في خطابه، أمس الأول. وبحسب المصدر نفسه فقد عقد مبارك «اجتماعات سياسية مهمة»، السبت، مع عدد من الشخصيات في مقر الرئاسة. وكان مبارك وعد في كلمته القيام بإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية لم يحددها. ونفت مصادر في الصالة الرابعة بمطار القاهرة الدولي ما تردد عن سفر أمين التنظيم السابق للحزب الوطني أحمد عز وأن طائرته أقلعت بدونه إلى قبرص بدلا من التوجه إلى الغردقة. وقالت المصادر إن كل أجهزة الأمن بالمطار كثفت من تواجدها في هذه الصالة تحسبا لوصول عز، حيث طلب إعداد الطائرة للتوجه إلى الغردقة، بينما غادر عدد من الطائرات الخاصة، عليها عائلات عدد من رجال الأعمال المصريين والعرب من أبرزهم عائلة رجل الأعمال حسين سالم المقرب من الرئيس مبارك، حيث توجهت إلى دبي وعائلة رجل الأعمال نجيب ساويرس، حيث توجهت إلى إيطاليا. كما أعلن التليفزيون أن البورصة وجميع المصارف المصرية ستغلق، اليوم، وهو اليوم الذي يبدأ فيه العمل بعد العطلة الأسبوعية، الجمعة والسبت. وأوضح أن خسائر البورصة بلغت 12 مليار دولار، الأربعاء والخميس الأخيرين، قبل العطلة الأسبوعية. من جهة أخرى، دعا الجيش «شعب مصر العظيم» إلى عدم التجمع حتى يتسنى السيطرة على أعمال التخريب والالتزام بحظر التجول الذي تم تمديده ليصبح من الرابعة مساء إلى الثامنة صباحا بدلا من السادسة مساء إلى السابعة صباحا. ورغم ذلك، بقي عشرات الآلاف من المصريين في وسط القاهرة عند ال 16:45 بالتوقيت المحلي أي بعد 45 دقيقة من الموعد المحدد لبدء سريان حظر التجول. وناشد الجيش في بيان تلي على التليفزيون الرسمي المواطنين حماية أنفسهم والتصدي للمخربين وحماية مصالح الأمة وحماية أنفسهم. وكان عشرات الآلاف يهتفون ملء حناجرهم في ميدان التحرير بوسط القاهرة، بعد ظهر أمس، غير أن خارجين على القانون، يؤكد المتظاهرون أنهم أفلتوا من أقسام الشرطة والسجون عن قصد، يقومون بأعمال نهب وسلب. وكان دوي طلقات الرصاص، الذي يطلقه هؤلاء، مسموعا في عدة مناطق في القاهرة. وشاهد صحفي من وكالة الأنباء الفرنسية دبابات تسير في شارع قصر النيل بوسط المدينة، والمتظاهرون يحيونها بالتصفيق والهتاف. وحمل المتظاهرون في ميدان التحرير ضابطا برتبة نقيب يرتدي زيه العسكري على أكتافهم وهم يرددون شعارات تنادي بإسقاط الرئيس المصري. وتتضارب الأنباء حول أعداد الضحايا الذين سقطوا خلال تصدي الشرطة لتظاهرات الغضب في مصر وتتراوح التقديرات حتى الآن بين 40 و 100 قتيل، حيث لم يصدر أي بيان رسمي بحصيلة الضحايا. من جهة أخرى، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن «قلقه البالغ» للأوضاع المضطربة التي تشهدها مصر حاليا داعيا «الجميع» إلى مراعاة المصلحة العليا للبلاد. وجاء في بيان أصدره مكتبه أن موسى يشعر ب «القلق البالغ لتطورات الأوضاع التي شهدتها الساحة المصرية وأسبابها وتداعياتها بالغة الخطورة» .