سمعت أن الوزير عبدالعزيز خوجة مستاء من أداء الإذاعات المحلية التي حصل معظمها على تصريح البث أخيرا، لكني أتوقع أن الوزير لم تسمح له انشغالاته المتعددة بمتابعة ما تبثه هذه الإذاعات من «روائع»، فهو لم يستمع إلى النشرة الجوية التي تختمها المذيعة بأمنية لطيفة: «إن شاء الله تكون هالأجواء على زوقكن!»، ولا أظن أن وقت معاليه يتيح له أن يحصي عدد المرات التي تبث فيها أغنية «ستة الصبح» التي اقترحها لي الطبيب لاختبار قدرتي على مقاومة الغثيان، وأتوقع أن يكون الوزير في غمرة اجتماع طارئ أثناء فقرة «نصائح التجميل» التي تتنافس فيها المذيعة وخبيرة التجميل على الاستظراف واستعراض خفة الدم والنكات السخيفة على حساب أعصابي التالفة من زحمة المدينة! وأرجح ألا يكون الوزير مولعا بالسهر مثلي حتى يضطر في منتصف الليل إلى احتمال مذيع يبذل قصارى جهده كي يبدو صوته ناعما ورومانسيا وهو يقرأ شعرا متهالك الوزن والمعنى ليذيع بعده –وبصورة مفاجئة - أغنية صاخبة لن تجيبك عن سؤال: «خير.. ماذا حدث؟!». وأظن أن الوزير يقضي قيلولته في الوقت الذي يكون فيه أحد المذيعين يصارع أسئلة وجودية عميقة لم يهدأ سعيرها منذ سقراط حتى نيتشه، قبل أن يكرر بثقة واضحة عبارة «أقدر أصير.. أقدر أكون»، متبوعة بخلاصة فلسفته التي ينبغي أن نستلهم تعاليمها حتى «نقدر نكون أو نصير». سيغير الوزير رأيه لو تمكن من الإصغاء إلى نقاش حول المخالفات المرورية خاضته مذيعة مع مستمعيها، وشاركتهم تجربتها الشخصية إثر تعرضها لمخالفة كادت تتسبب في احتجازها، ثم استغراقها في موجة ضحك وهي تقرأ رسائل شباب النخوة العربية الذين أبدوا استعدادا بطوليا لتسديد المخالفة عنها، مع أني واثق بأن المرور يدرس مقاضاتهم جراء تأخرهم عن سداد مخالفاتهم! وأغلب الظن أن الوزير تعجل في إبداء استيائه قبل أن يستمع إلى المذيع الذي أنصح إذاعته أن تتخلى عن المؤثرات الصوتية بوجود الأصوات الغريبة التي يطلقها الرجل بين لحظة وأخرى، ربما ليطرد النعاس الذي جلبته قبل قليل زميلته بصوتها «المبحوح» وهي تناجي صديقة تركتها تنتظر طويلا في المقهى ليلة أمس، ولا أظنها سمعتني وأنا أجيبها في سيارتي: «سامحيها يا بنت الحلال.. المسامح كريم!». ولأن الوزير ليس مهتما بالرياضة كما أظن، فهو لم يتابع برنامج التحليل الرياضي الذي يتسابق فيه المذيع والضيف على ترديد «لازمة» من قبيل: «كل ما هنالك»، «في حقيقة الأمر والواقع»، «الوضع هنا مختلف».. ما لك حق يا معالي الوزير.. قسوت عليهم.