مناطق الأطراف لا تعدم المبدعين والمبدعات في ضروب الكتابة، إلا أننا نلحظ بجلاء ندرة الأقلام الفكرية والأدبية فيها، وهذا ينسحب على الإصدار طبعا، لكن الإبداع لا هوية له وهو موجود في كل مكان، ومن الخطأ ربطه بمدن مركزية أو نمو اقتصادي، فمن الأدباء العالميين الذين فازوا بجائزة نوبل للأدب من هم من أمريكا الجنوبية وآخرون من دول إفريقية ونحن نعرف ما يكتنف تلك الأماكن من تراجع اقتصادي وتنموي. فالأدب ليس نتيجة شارع مريح أو فيلا فارهة أو مجمعات ضخمة، إنما هو شعور صادق وفكرة متقدة ولغة جميلة، وغالبا ما تكون الحياة البسيطة أو القاسية دافعا قويا للتعبير عن الذات. يجب علينا أن نصارح أنفسنا ونقول إن كل فرد في تلك المناطق مسؤول عن قتل الإبداع في نفسه وفيمن حوله، وهذا يعود لأسباب ذاتية ونفسية، فهناك من يتخوف من النشر تحاشيا للفشل أو ردة فعل الآخرين، وعادة ما يتراجع قبل البدء فينكفئ أو بعد البدء حين يجابه بسيل من الانتقادات، وهنا تأتي عملية احتضار المشروع الوليد التي شارك فيها الموهوب والمجتمع، فالموهوب لا بد أن يؤمن بتفاوت وتباين الناس في الأهواء والتذوق الأدبي والإدراك، ووفقا لهذا ستأتي ردود أفعالهم متفاوتة، كما أن المجتمع عليه تفهم ارتباك التجربة الأولى فبرغم هفواتها إلا أنها انطلاقة أولى ستكون أفضل مع اتساع الخبرة والقراءة الجادة. كما أن الحاضن والمحفز تضاءل في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا بل أستطيع التحدث عن انعدامه، والذهاب إلى أبعد من ذلك بالقول إنها أصبحت بيئات مثبطة وقاتلة للإبداع في بعض الأحيان، البيوت أصبحت هامشا، فلا محفز ولا موجه فضلا عن وجود مكتبة، فالقراءة أم الكتابة وهي الطريق الصحيح لمن أراد تطوير موهبته، والمدرسة والجامعة أماكن للتلقين يذهب لها الطالب بهدف النجاح ليخرج بأقل المكاسب بل قد يخرج منها كما دخل، ومع التطوير على مستوى المناهج والأنشطة الذي استحدثته الوزارة لتنمية مهارات الطالب باختلافها، إلا إن المخرجات ما زالت ضئيلة وقد تزداد مع الوقت كما وكيفا. لكننا نعلق الآمال بالمؤسسات الثقافية كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وغيرها، فهي التي ستأخذ بأيدي مبدعينا وترفد مكتبتنا العربية بمؤلفاتهم، بإذن الله.