هناك قاعدة فقهية تبيح المحرمات وقت الضرورة، ولهذا اضطرت بعض العائلات في تونس إلى شراء وتناول لحم الحمير الذي يلقى رواجا كبيرا في تونس لرخص أثمانها مقارنة ببقية اللحوم، حيث لا يتجاوز سعر الكيلو الواحد من لحم الحمار خمسة دنانير نحو ثلاثة دولارات ونصف، في حين يتجاوز سعر كيلو من لحمة الضأن 14 دينارا تونسيا «أكثر من عشرة دولارات» ويقوم الجزارون بشراء وذبح هذه الحمير من سوق الدواب تحت إشراف «فريق صحي»، ولأن أكل اللحم قد يبدو ترفا أكثر من كونه ضرورة في نظر البعض الذين يقيسون خط الفقر على توفر الحاجات الأساسية مثل الخبز فهو أيضا كان يشهد ارتفاعا ملحوظا في سعره منذ عام 2007 بنحو 5 %. وحين سألت ماري أنطوانيت عن سبب غضب الفرنسيين وأخبروها بأنهم غاضبون لأنهم ليس لديهم خبز. أجابتهم بجواب كان السبب – كما يروى- لقيام الثورة حين قالت: ليأكلوا كعكا إذا! فانفجر الفرنسيون غضبا ليقبضوا عليها قبل هربها من باريس. ورغم ذلك، كتب المؤرخون واصفين ذلك الغضب بأنه ثورة الطبقات المحرومة ضد الطغيان الإقطاعي وتوطيد لسلطة البورجوازية الرأسمالية الحديثة ضد نظام اقتصادي واجتماعي مقيد وعتيق، فيما ذهب الكثيرون إلى أن الثورة الفرنسية كان يقف خلفها الفكر الفلسفي الذي ثار في وجه الكنيسة واختار باريس عاصمة للحرية والأرض، فهي القادرة على احتضان المفكرين الأحرار، فأطلق على ذلك العصر في كتب التاريخ «عصر الأنوار». ومن يفهم التاريخ جيدا يدرك أن «الجوع» كان المحرك الحقيقي وراء الرغبة في إحداث التغيير، وأن المواجهة مع الموت في سبيل الحصول على لقمة هو الدافع الأكثر منطقية من بين كل الشعارات السياسية الرنانة، ومن تلك الأفكار المثالية التي ما إن يصل أصحابها لموقع المسؤولية حتى يصابوا بتخمة من الأكل والركض وراء المصالح فيغيب عنهم أبسط واجب وهو السؤال عن حال الناس.