أعلن الرئيس التونسي بالوكالة رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع، أمس، في كلمة مقتضبة بعد أدائه اليمين الدستورية أن المصلحة العليا للبلاد تقتضي تشكيل «حكومة ائتلاف وطني» ووعد بالتعددية والديموقراطية واحترام الدستور بحذافيره، طالبا من رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد الغنوشي اقتراح أعضاء الحكومة. وأدى مبزع «77 عاما» اليمين بمكتبه في مقر البرلمان بعد يوم واحد من مغادرة الرئيس السابق زين العابدين بن علي «74 عاما» البلاد إلى السعودية بعد شهر من المظاهرات الاحتجاجية التي شهدت أحداثا دامية. وقال الديوان الملكي السعودي في بيان «إن حكومة المملكة رحبت بقدوم فخامة الرئيس زين العابدين بن علي وأسرته إلى المملكة؛ نظرا للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي الشقيق». وعبرت المملكة عن أملها في أن «يسود الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز على الأمتين العربية والإسلامية جمعاء، وتأييدها لكل إجراء يعود بالخير للشعب التونسي الشقيق»، فيما دعت الجامعة العربية القوى السياسية التونسية إلى «التكاتف والتوحد». وبعد إقصاء ابن علي نهائيا من السلطة تحت ضغط الشارع بعد حكم دام 23 عاما، أعلن المجلس الدستوري «شغور السلطة» وعين رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع رئيسا للبلاد بالوكالة كما ينص عليه الدستور. وساد هدوء في العاصمة التونسية، أمس، بعد ليلة من التدمير والنهب في العديد من الأحياء في نهاية يوم تاريخي شهد رحيل الرئيس ابن علي. وعاشت عدة أحياء قريبة من وسط العاصمة ليلة من الرعب بسبب أعمال تخريب ونهب قامت بها عصابات ملثمين بحسب شهادات سكان مذعورين نقلتها القنوات المحلية طوال الليل. وفي الوقت نفسه، تضاربت المعلومات عن موعد انتهاء حظر التجول. وأطلقت نداءات إلى الجيش الذي يحمي بموجب حالة الطوارئ المعلنة المباني العامة للتدخل العاجل ضد هذه العصابات، بينما حلقت مروحيات للجيش ليلا فوق العاصمة. وقد تعددت الروايات بشأن هوية المسؤولين عن أعمال العنف والنهب. وأشار بعض السكان إلى عناصر ميليشيات سابقة، بينما قال آخرون إنها من فعل مساجين حق عام فروا من مراكز اعتقالهم، واتهم البعض الآخر عناصر من الشرطة. وكانت المظاهرات اندلعت في 17 ديسمبر ضد غلاء المعيشة والبطالة والفساد، إثر انتحار الشاب التونسي محمد البوعزيزي «26 عاما» بإضرام النار في نفسه بسيدي بوزيد « 265 كلم جنوبتونس» احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الخضار. وحاولت الحكومة عبثا تهدئة الأوضاع بإقالة عدة مسؤولين آخرهم وزير الداخلية وإعلان الإفراج عن جميع الموقوفين «باستثناء المتورطين في أعمال نهب» وتسارعت الأحداث ليغادر ابن علي تونس بعد شهر من حركة احتجاج شعبية أطلق عليها التونسيون اسم «حركة الياسمين» والتي قمعت بشراسة؛ ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى. وكان ابن علي يحكم تونس منذ الانقلاب الأبيض الذي قام به في 1987 وأطاح سلفه الحبيب بورقيبة. وأعيد انتخابه في عام 2009 لولاية رئاسية خامسة. وفي واشنطن، أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجمعة ب «شجاعة» الشعب التونسي ودعا إلى إجراء انتخابات نزيهة وحرة في البلاد، بينما دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيج السلطات التونسية إلى بذل ما في وسعها لإيجاد حل «سلمي» للأزمة. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى «تسوية ديموقراطية وسلمية» للأزمة. وفي فرنسا عبر تونسيون عن فرحهم، لكن ببعض الحذر .