نجحت هيئة حقوق الإنسان خلال العام 1431ه في حل أكثر من 300 قضية خلال السنوات الثلاث الماضية تلقتها عبر مختلف مكاتبها ومارست دورها في الدعم والمساندة للمحتاجين، فحين يُحدث العمل فارقا، فأنت لا شك تسير على الطريق الصحيح، فإعلان «الإنسان قيمة» تستحق العمل، ومواصلة الحفاظ عليه حين يُقبل في سلام. وحفلت كثير من ملفات القضايا التي تلقتها الهيئة بقصص مسكونة بالألم بعضها لزوجات ومطلقات عانين ظلما فادحا واضطهادا شديدا، وبعضها لقضايا عنف أسري وتعذيب للأبناء وحرمانهم من حقوقهم الأساسية التي تكفلها لهم الأنظمة, وجميع تلك القضايا وجدت العناية والاهتمام حتى كانت نهاياتها سعيدة. وأولى القصص التي باشرتها الهيئة، عندما تقدمت المواطنة «ر.خ» بقضيتها «لم يكن أخصبنا خيالا قادرا على تنبؤ كهذا, الأب الذي يقطن في جازان هو من يقف عائقا في هذه القضية، ولكن ليس في وجهها هي «طليقته»، بل في وجه صغاره الذين هدد بأخذهم من الرياض حيث تقيم، إلى حيث يقطن، وحرمانهم من مصروفهم، والاستيلاء على معونة شهرية تصرف من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، لابنه المصاب بالأنيميا المنجلية. الأب رفع دعوى أمام القضاء في جازان؛ لترفض السيدة «ر.خ» الذهاب إلى هناك، لخوفها من أن تخسر القضية، فعلاقات طليقها هناك ربما تشفع له بتوقع هذا النجاح. لكن الأبناء حرموا من حقهم في التعليم؛ فالمدارس تطلب بطبيعة الحال ملفاتهم إلا أن والدهم يرفض ذلك بعد أن أعلنوا رفضهم الانضمام إليه». وباطلاع الهيئة على هذه القضية رأت أنه لا بد في البداية أن تدرك هذه المرأة «الحقوق» و«الحقائق» المتعلقة بقضيتها؛ فهي ليست معنية بالذهاب إلى جازان لحضور المحاكمة؛ إذ يحق لها أن تقيم الدعوى في بلدها، أو بلد الزوج، حينها يكون على القاضي استخلاف قاض في بلد الزوج للإجابة، وتفنيد دعواها, وإذا وُجِّهت الدعوى يُلزم الزوج بالحضور لمحل إقامة الزوجة، وإن امتنع سُمِعَت غيابيا, كما وجهتها الهيئة بضرورة مراجعة وزارة التربية والتعليم، لحل مشكلة أبنائها المتعلقة بالمدارس وتم التنسيق مع الوزارة التي تجاوبت مع الهيئة، حتى انتهت بتثبيت المعونة الشهرية للابن المصاب بالأنيميا وإلحاق الأبناء بالمدارس وإنهاء هذه القضية بما يحفظ كل الحقوق لأصحابها. حاول.. دون جدوى «ه.ش»، سيدة تعاني محاولات طليقها « كما تقول» لمنع بناتها من التعليم، والمطالبة الحثيثة بحضانتهم, حين تلقت الهيئة بلاغها درست القضية من قبل جهة الاختصاص بالهيئة ليجبر الأب على إلحاق بناته بإحدى المدارس, ولم تكتف الهيئة بهذا الالتزام بل تابعت إلحاقهم فعليا. شبك غنم لم تكن السيدة «أ» تحلم حين عاشت واقع هذه الحياة, مطلقة لا تحمل جنسية، أنصفها القاضي؛ إذ حكم لها بحضانة أبنائها الثلاثة, النتيجة كانت الطرد من بيت الطليق هي وأولادها «أولاده», فأصبحوا ضيوفا على رائحة الزيت بالشوارع، وعلى «التسول» وغريزة لقمة العيش، على التشرد, لم يكن ليعطف ذاك الأب على أبنائه الذين ذاقوا لذة العطف تلك من أحد الرعاة حين اقتسم معهم طعامه، وأكرمهم بقدر المستطاع ليناموا عنده، في «شبك أغنام». حضرت هذه المرأة للهيئة لتطلب مسكنا، لها ولأولادها يحفظهم ويسترهم, مسكنا ولو غرفة, غرفة من شأنها على الأقل أن تحقق الاقتراب من حلم الاستقرار العائلي، ومواصلة ابنها الكبير الدراسة، وعودته للصف الثالث الابتدائي؛ لتنسق الهيئة مع مديرة جمعية الوفاء «دار الحماية» التي أبدت استعدادها التام لاستقبال السيدة وأبنائها, وتتم المتابعة المباشرة من الهيئة للتواصل مع المشرفة على الحالة, التي أكدت استقرار أوضاع السيدة، وأن ابنها عاد لمقعده الدراسي. وجع الغربة أما المقيمة «ز» التي تلقت ضربات موجعة في غربتها من زميلاتها العاملات معها في أحد المشاغل النسائية ومن زوج صاحبة العمل, فقد حضرت إلى الهيئة هاربة من أوجاعها بعدما استنفدت كل السبل المتاحة، أمامها. ورأت الهيئة أن تقابل هذه المقيمة المستشارة القانونية لديها، نظرا لتعقد قضيتها وحاجتها إلى الدراسة القانونية, تتجه المستشارة برفقتها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لحل القضية، ولكن دون جدوى، لتتدخل لجنة «الاتجار بالبشر» في الهيئة لمخاطبة زوج صاحبة العمل للاتفاق معه على توفير سكن لها، وأن يتعهد بأن يرتب إجراءات سفرها إلى بلدها. عنف الآباء يستمر قضية «عنف أسري» أخرى دارت أحداثها في أحد المنازل بمحافظة صامطة بجازان وقع ضحيتها الطفل «ي.ص» وعمره 15 عاما، والذي اعتاد جسده النحيل طيلة خمسة أعوام متواصلة تلقي كافة أشكال التعذيب, والحرق على يد والده الذي كان قد منع حقه في إكمال تعليمه طيلة هذه الأعوام, وأتلف شهاداته التعليمية السابقة ورفض أيضا استخراج بطاقة هوية له. الأب في جريمته الأخيرة التي كشفت أفعاله ربط ابنه في فناء المنزل بحبل ثم حاول حرقه، حيث نقل على أثرها إلى المستشفى في حالة حرجة. الهيئة كانت حاضرة ونسقت مع إمارة المنطقة ولجنة الحماية الأسرية؛ لتوفير الرعاية اللازمة طبيا ونفسيا إلى جانب إيداع والده السجن, ورفع موضوعه للقنوات الشرعية لتتم محاسبته على كل ما قام به وفق الشريعة التي حفظت كل الحقوق .