ظل الذهب لأزمان طويلة شرطا لإتمام المناسبات السعيدة، ووسيلة للتعبير عن الود بين الأزواج والأهل، فضلا عن دوره الاقتصادي المعروف كمخزن للقيمة. لكن ما شهدته سوق المعدن الأصفر أخيرا، جعل عرشه يهتز، ليس في سوق المعادن، وإنما في بيوت السعوديين وحركة شرائهم. وكانت بداية الاهتزاز مع تجاوز الجرام حاجز 120 ريالا، حيث تراجعت الكميات المباعة في السوق، وأعلنت الفئة الأقل قدرة على الشراء خصاما غير معلن مع السوق التي استبدلوها بسوق الإكسسوارات. أما بعد تجاوزه حد ال150 ريالا، فامتدت حالة الخصام لفئات أخرى لم تكن تهتم كثيرا بفارق ريال أو ريالين. وفي جولة ل«شمس» في أسواق الذهب في جدة، اتفق الكثير من أصحاب المحال على أن الإقبال لم يعد كالسابق، حيث بات كثيرون يظهرون فقط بغرض البيع، في حين صار الشراء أمرا نادرا. وقال أبو علي الذي يملك خبرة أكثر من عشرة أعوام في سوق الذهب «إن هناك فرقا بين الماضي والوقت الحالي من حيث الكميات المباعة، وحتى الذين يشترون اليوم يتجه معظمهم لبعض الأنواع الأرخص، وذلك لشراء الكمية المطلوبة بأقل التكاليف والتي تصل ما بين 25 ألفا إلى 50 ألفا للمقبلين على الزواج». ويضيف «كان هذا المبلغ في السابق يفي بالهدف المرجو منه ليلة عقد القران أو ما يعرف بالملكة أو الشبكة أما الآن فهو غير كاف»، موضحا أن الإقبال على محال الذهب يظهر في موسم الأعراس ولكن بمستوى أقل». ويؤكد أبو علي أن هناك العديد من الزبائن يأتون بسلع مقلدة وقد تكون مختومة بختم الذهب «وهنا نقع في حيرة بل إن البعض قد يشتري من الزبون ظنا منه أنه ذهب فيقع ضحية لخصم من راتبه آخر الشهر. وفي المقابل هناك من يتعمد القدوم إلى محال الذهب ومعه أنواع مقاربة جدا للذهب، فإن لم يدقق صاحب المحل في السلعة، فسيدفع له مبلغا دون وجه حق». ويقول محمد الكثيري، الذي يعمل في إحدى أسواق الذهب إن البيع يغلب على الشراء في ظل ارتفاع الأسعار ف«الكثير من الزبائن يعرض الذهب المحفوظ لديه للاستفادة منه ماديا». ويضيف «هناك أنواع من الذهب تكون قديمة ومتوارثة ولكن الحاجة وارتفاع سعر الجرام أدى بأصحابها إلى بيعها». وخلال تواجد بندر الثقفي وعبدالله المهري في سوق الذهب لبيع ما لديهما؛ لأن الذهب لم يعد كالسابق فهو يلبس من وقت لآخر لذلك نريد البيع في ظل ارتفاع الأسعار ومع وجود البدائل التي بدأت بها محال الإكسسوارات من تشكيلات واسعة». وذكر أحد تجار الذهب أنه قام ببيع ما يقارب 55 كيلو جراما بمبلغ لم يتجاوز ثلاثة ملايين ريال خلال فترة انتعاش سوق الأسهم، أما لو قدر له أن يبيع ذات الكمية قي الوقت الراهن فسيتجاوز المبلغ تسعة ملايين ريال وهذه تعد خسارة». وذكر المهري أن كثيرا من النساء لم يعدن مقتنعات بالتزين بالذهب ويرينه «موضة قديمة»، ويفضلن عليه إكسسوارات. ونقل المهري عن متسوقة قولها له «كيف أضع مبلغا ضخما في عدد جرامات لا يظهر للناس؟!» مضيفة أنها تفضل شراء الإكسسوارات حتى ينخفض سعر الذهب فتعود إليه. وأكد عدد من الخبراء أن عام 2013 م سيشهد هبوط الذهب إلى حدود 1100-1000 للأونصة بعد أن وصل إلى معدلات فوق 1370. وتحدث ل«شمس» نائب شيخ الصاغة علي باطرفي فقال إن ارتباط الذهب بالدولار كما هو معروف عامل مهم فإذا ارتفع الدولار انخفض الذهب والعكس. وأضاف «حاليا وصل السعر إلى 1375 دولارا للأونصة وما نشهده من ارتفاعات يعود إلى تأثر الاقتصاد الأمريكي بحرب العملات بين عدد من الدول الكبرى». وتوقع باطرفي أن يشهد شهر ديسمبر انخفاضا إلى حدود 1320 دولارا للأونصة. وعن المشتريات أكد باطرفي أن ارتفاعات أسعار الذهب أثرت كثيرا جدا على الشراء وأصبح المستثمر في الذهب يبيع لجني أرباح، مضيفا أن الفرصة مواتية خلال الأشهر الأربعة المقبلة لمن يريد البيع». وعن السلع المقلدة أوضح باطرفي أن هناك سلعا قد تأتي من خارج المملكة مع الحجاج والمعتمرين تكون عياراتها ناقصة ولكن الشباب السعودي المدرب يملك حاليا قدرة التعرف على هذه الأنواع .