جيمي ويلز ينادي العالم بالتبرع لويكيبديا، يستطيع جيمي ويلز أن يحقق عشرات الأضعاف من الأرباح مقارنة بمبالغ التبرعات عبر موقعه الأكثر شعبية في العالم، ولكن فلسفته قائمة على مخاطبة حس الخير الإنساني. بعد الدعوة لمشاركتك في التبرع المالي بأي مبلغ ممكن، سأتحدث عن فلسفة التبرع، فقد استدعتني صورة جيمي ويلز الزاخرة بالحب للمقارنة مع الأزمات الثقافية التي نعيشها. تقول الحكمة الصينية فيما تعني: «بدلا من إعطاء الفقير سمكة يتناولها اليوم ولا يجدها غدا، علمه كيف يصطاد السمك كي يأكل في كل يوم». في المجتمعات العربية، ندفع كل ما نستطيع كي نبني مسجدا، وكأن الناس لن تصلي بدون تلك المساجد المليارية، نتبرع كثيرا لحفظ القرآن الكريم، ولا نتبرع في وسائل تساعد في كيفية تطبيق قيمه التي ينادي بها، نتبرع أيضا لأعمال وقتية تتعلق بإطعام الفقراء والجوعى وعلاج المرضى، ولكننا نجعلهم بقصد أو دون قصد جوعى ومرضى مرة أخرى!. لا نتبرع للعلم والمعرفة، لا نتبرع لمراكز الأبحاث، لو كتب أحدهم أن شخصا يريد الحج ولا يستطيع لوجدنا التبرعات تنهال عليه من كل صوب، ولكن لو قلنا إن هناك مشروعا علميا فلا أعتقد أن التبرع سيكون بمستوى سابقه. هذا إثبات على فهم مغلوط للإسلام، فهو ليس دينا كهنوتيا، بل دين ينادي بالاتجاه العلمي الدنيوي، ولكننا لم نعد نفهم الدين ولا القرآن في الغالب السائد، إلا ما نعرفه من الطقوس التعبدية والزهد المفرط بالدنيا. وتجنبا للظن السيئ، أقول إنني لا أنكر قيمة تلك التبرعات لأجل الأعمال الربانية، ولكن الدنيا ليست إلا الوجه الآخر للخير الرباني. وإنما الأعمال بالنيات كما علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا أردت التبرع فضع في ذهنك أن الخير الذي ستقدمه، حتما سينفع الإنسانية في كل مكان، وهذا ما تحث عليه كافة الأديان السماوية وعلى رأسها الإسلام. أجزم أن موسوعة ويكيبديا استطاعت أن تقدم من المعارف والعلوم ما ساهم في تقدم البشرية وفي إثرائها وفي جعلها تتحسن على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لذلك فأنا أتبرع لجيمي ويلز، شكرا جزيلا لك أيها الأمريكي الطيب. مدونة: ماجد الحمدان