بمعاطف مصنوعة من فرو الحيوانات القطبية، وكاميرات ومناظير ليلية ومفارش وأحذية وقبعات وماكينات حلاقة وبعض المأكولات كالعسل والسمن، يستغل بعض الحجاج الروس أيامهم في مكةالمكرمة لجني فائدة مادية، بعدما سعوا في أيام الحج للحصول على الربح الأهم؛ رضا الله. وبعد رحلة شاقة استمرت قرابة شهر، زاروا خلالها قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأدوا الركن الخامس، افترش حجاج روس مشعر منى وعددا من أحياء مكة رافعين شعار «حج وتجارة»، متخذين عددا من السيارات القديمة مكانا للمعيشة ولعرض بضائعهم أمام سكان العاصمة المقدسة. ومن بين الحجاج الروس، تحدثت «أمينة» ل«شمس» عن علاقتها بهذه السوق السنوية، قائلة إنها تأتي للحج منذ أكثر من عشرة أعوام، حاملة بعض البضائع والسلع لبيعها لحجاج بيت الله الحرام أو غيرهم، مضيفة «أتينا من روسيا لأداء مناسك الحج عبر الطرق البرية، واستمرت الرحلة أكثر من شهر، عبرنا خلالها أكثر من ست دول وكانت التكلفة كبيرة». وتابعت أمينة: «التجارة تعيننا على نفقات أداء الفريضة ولا نسعى من ورائها لتحقيق ربح»، مشيرة إلى أنهم ينامون داخل سياراتهم ومعهم أغراض الطبخ وأدواته البسيطة. وتشدد أمينة على أن بيعهم البضائع يتم بغرض الحصول على قوتهم أثناء رحلتهم وليس بغرض الربح والتكسب المادي. من جهته، قال المواطن مطر الوعيلي الذي كان متواجدا في موقع البيع بالقرب من جسر الجمرات: «معظم البضائع التي اطلعت عليها متواجدة في مكة ولكنها تختلف في درجة الجودة»، مضيفا أن الأسعار تبدأ من ريالين وتصل إلى 150 ريالا حسب نوع وصنف السلعة. وأشار الوعيلي إلى أنه اعتاد منذ أكثر من سبعة أعوام الذهاب لمشعر منى فور مغادرة الحجاج، كي يشتري من الحجاج الروس بعض السلع كالفراوي وماكينات الحلاقة وآلات التصوير.وذكر المواطن خالد مبارك أن كثيرا من سكان مكة يتدفقون بعد الحج على هؤلاء الباعة لشراء ما بحوزتهم من بضائع، لكنه يلاحظ أن هناك بضائع معروضة تبدو قادمة من سوق الصواريخ بمدينة جدة. ويبين عضو الغرفة التجارية والصناعية بمكةالمكرمة محمد سعد القرشي أن الحجاج الروس يجلبون بعض بضائعهم من بلادهم، لكنهم يشترون بضائع أخرى من الأسواق المحلية، مشيرا إلى أن أكثر من 95 % من هذه البضائع متوافر في الأسواق المحلية وبأسعار أقل مما تباع به، ومع ذلك مازال هناك إقبال عليها، نتيجة اعتقاد البعض أنها غير موفرة. أما الباحث والمحلل الاجتماعي جمعة الخياط فذكر أن هذه الظاهرة معروفة منذ زمن بعيد، حيث اعتاد الحجاج الروس حط الرحال في المملكة لغرضين؛ أداء الفريضة والتجارة. وقال: «بعد انتهاء الموسم يعرض الحجاج الروس بضائعهم وبكميات كبيرة تصل معهم في تريلات وسيارات «مهربدة» يتعجب المرء كيف قطعت كل هذه المسافات قبل وصولها إلى مكة». وتابع: «في السابق كانت هذه البضائع من العجائب والغرائب، لأنها لم تكن متوافرة نهائيا في أسواقنا وكنا نقتني منها الملابس الخاصة بالمناطق الباردة كالفرير، فضلا عن المفارش والسجاجيد وألعاب الأطفال والأجهزة الكهربائية»، وأوضح الخياط أن الحجاج الروس كانوا يتواجدون في السابق عند البريد المركزي بالغزة، ثم انتقلوا لكدي بحي الهجرة، وهم الآن يتركزون جهة جسر الجمرات من ناحية حي الششة. وأضاف: «تستمر إقامة الروس بمكة بعد موسم الحج لمدة أسبوع ثم يرحلون منها ليقيموا في مكان آخر، معتمدين على أن السيارات الخاصة بهم تصلح سكنا ومعرضا ومخزنا للبضائع» .