من المفاجئ كثيرا أن نكتشف بمحض «الحاجة» غرائب النظام، فمثلا الموقف الذي تعرضت له الكاتبة الدكتورة هناء حجازي في مدينة جدة «الأكثر تسامحا وانفتاحا» مع رجال الدفاع المدني، حيث قام ابنها المراهق بحبس نفسه داخل غرفته رافضا الاستجابة لجميع النداءات أو الرد والتفاعل معها، ما جعل الهلع يدخل قلب الأم لتهرع وتستنجد بالرقم 998 الشهير، ليتم رفضها والطلب منها الاتصال على الشرطة، لتقوم بالاتصال على 999 التي تخبرها بأنها مهمة الدفاع المدني وليست مهمتهم، كل هذا وحالة الابن في علم الغيب، وهي بين هؤلاء وهؤلاء ولا نتيجة، رغم توجيهات المسؤولين بأن المواطن هو على رأس الأولوية. المتابع لردود الفعل على هذه الحادثة والباحث عن مثيلاتها يفاجأ من تشابه ردود الفعل من الجهتين الموقرتين، لعدد من الحالات التي يذكرها أصحابها بمرارة، ورفضهم معالجة التدخل لعدم وجود محرم! هو شيء مستهجن تماما، ويتنافى مع مبادئ الدفاع المدني والشرطة، وجهودهم الكبيرة في الحرص على إنقاذ الحيوات، والغريب أن هذا الكائن المسمى «النظام»، لا أحد يعرف تحديدا أي مادة فيه تمنع هذا أو تسمح بذاك، فإما تعاميم تتراكم لتصبح هي النظام وإن خالفته، وإما اجتهادات شفوية يتناقلها أفراد القطاع جيلا بعد جيل لتغدو القانون غير المكتوب، وإن أصررت أو خالفتهم، قالوا: «ما نقدر.. النظام ما يسمح»! دائما ما نسمع عبارة «مجتمع ذكوري»، ونرفضها أو نستخف بها، إلى أن تصادفنا حالات عدة تجعلنا نعيد النظر فعلا في «جنس مجتمعنا»، ومدى نبذ الإناث إن لم يكن معها محرم أو «ذكر» لكي يتم الاعتراف بذاتها وإنجاز تعاملاتها «الحكومية»، نجد كامل الدعم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمرأة السعودية، وحقوق المرأة، من جانب، ونجد أنظمة عجيبة غريبة تعيق وتنكر وتجحد أحيانا وجودها أو ترفض التعاطي معها، فمن مدير مدرسة يرفض التكلم مع «والدة تلميذ لديه» لأنها امرأة، ويطالبها برجل ليتحدث معه، وانتهاء برجل دفاع مدني يعتذر عن خدمتها لأنها لا تملك محرما! رفقا بالقوارير!