الهاجس الأمني لدى الأفراد من الأمراض النفسية التي تصيب بعض الناس، تسود فيها مشاعر عدم الأمن وفقدان الثقة بالآخرين والرغبة الدائمة في الحذر والحيطة والاحتراز، وتظهر على هيئة: قلق مستمر وتوتر نفسي وتأفف وشك وخوف، وتفسير الأمور الواردة على أنها خيوط لحبائل مريبة غير معلوم ما وراءها من الأهداف والمرامي، وعليه عدم الاستمتاع بالحياة بشكل طبيعي نتيجة لهذا القلق الصارم، والشعور بفقدان الأمن، وانعدام السكينة، بشكل مطرد. هذا المرض النفسي يجعل من الحياة أكثر صعوبة وتعقيدا، فهو خليط من الفوبيا والآرتيكاريا التي تطبع السلوك العام للإنسان بطابع قاسٍ شديد التحفظ والارتياب، وقابع في بوتقة حائرة من الوسوسة المهيمنة على كامل تفاصيل الحياة اليومية، والتي تصل إلى عدم الارتياح وهاجس النظافة الزائد والاغتسال المبالغ فيه والذي يصل إلى استخدام معقمات خطرة على كامل أجزاء الجسم. وكذلك رسوخ نظرية المؤامرة في عقل هذا المريض بشكل نمطي ثابت إلى حد الجزم بأن وراء الأكمة ما وراءها في كافة جوانب الحياة، ولا مكان للخطأ أو حسن النية على خارطة الواقع. وفي مقابل هذا المرض مرض اللامبالاة والبرود العصبي والجمود العاطفي الذي يصيب بعض الناس، فيقلب حياتهم إلى فوضى لا زمام ولا خطام لها، يتحول فيه الإنسان إلى اللامسؤولية التامة وفقدان الشعور بأهمية الوقت والواجبات والقيم والضروريات الإنسانية، والإهمال المطلق للالتزامات العائلية والعملية والمواعيد، ويقود ذلك إلى الندم والحسرة على التفريط وعدم الاهتمام بسبب المشاكل التي تخلقها هذه اللامبالاة باستمرار، فيعقد العزم والنية بحزم على الحرص والاهتمام والتعامل الجاد مع كافة المسؤوليات والالتزامات، فلا يبرح أن تتسلل إليه لامبالاته فيفلت منه الزمام، وتضيع مركبه بين الأمواج العاتية. هاتان الشخصيتان غير مؤهلتين لتولي مسؤولية قيادية لما سيترتب على سلوكهما المصاب بمثل هذه الأمراض من مشاكل متعلقة بالتفريط في الحقوق والواجبات، أو الإفراط في التحرز والاحتياط بما يخنق الحياة إلى حد التوقف والشلل التام.