البرازيل هي البرازيل.. أرض تتوالى فيها الحملات الانتخابية دون توقف. وسرعان ما انطلقت التأملات عقب فوز ديلما روسيف الأخير بكرسي الرئاسة. والأمر الذي زاد الصورة تعقيدا هو أنه لا يوجد في البرازيل شيء مثل الرئيس السابق. ورغم أن الدستور الوطني حدد الفترة الرئاسية بولايتين متتاليتين، فإنه ليس هناك ما يمنع البعض من الجلوس على الكرسي لأربعة أعوام أو نحو ذلك، ثم المحاولة مرة أخرى، وأخرى، وأخرى. وبمجرد أن يصبح الواحد رئيسا، فإنه يظل دائما يفكر في الفترة التالية لأنه لا يتنفس غير السياسة. ومن بين الرؤساء الأربعة السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة، سيكون ثلاثة منهم أعضاء في مجلس الشيوخ العام المقبل وهم خوسيه سارني، وإيتمار فرانكو، وفرناندو دي ميلو؛ وفي رأس كل واحد منهم تعشعش فكرة العودة الرئاسية. وصحيح، كانت إجابة جواو باتيستا فيجيريدو الراحل، آخر الجنرالات الخمسة الذين حكموا البرازيل من 1964 حتى 1985، عندما سئل كيف يريد أن يتذكره الناس، إنه يريد فقط أن يكون منسيا. ولكن هذا ليس من شيمة الرئيس المنتهية ولايته لويس لولا دا سيلفا. ولم يعلن لولا حتى الآن عن خطط تقاعده. ولكن لا تتوقعوا أن يرتدي الرئيس الأكثر شعبية ونجاحا في العمل السياسي بالبرازيل خلال الجيلين الأخيرين، البيجاما ويتسكع في الحديقة. وبالنسبة لأبسط المبتدئين، فإن الرئيسة الجديدة المنتخبة ما هي إلا غطاء لأستاذها لولا. وقبل عام واحد، كانت بطلة حرب العصابات اليسارية تنكفئ في منزلها وراء جهاز كمبيوتر محمول ومخطط دائري وغير معروفة عمليا في هذا البلد الذي يسكنه 193 مليون نسمة. ولم يسبق لها تجربة العمل في منصب سياسي قبل محاولتها الرئاسية. ولكن بعد عام واحد من ترشيح لولا لها، أصبحت على كل لسان وولدت من جديد. وبعد نوبة شاقة من العلاج الكيميائي لمرض السرطان اللمفاوي، أعادت ريسيف اكتشاف نفسها، وارتدت نظارات ملونة وأجرت عملية جراحية لرفع الوجه، وأضافت مادة البوتوكس للجبين، واستعادت بريق شعرها، وتحولت لارتداء أحدث موضات الملابس. وتعلمت أيضا كيف تبتسم وتتوقف لأخذ لقطات مع الناخبين، وأضافت لتجاربها مهارات البقاء في الحملة الانتخابية التي طافت فيها البلاد القارة.. وذلك قبل أن تدخل لعبة الرؤساء الذين لا يودون البقاء بعيدا عن المنصب.