تشكل النساء غالبية تعداد سكان البرازيل، وأكثر من نصف ناخبيها البالغ عددهم 135.6 مليون. ويتفوقن على الرجال في التعليم ودراسات الدكتوراه، ويمثلن نحو نصف العاملين في البلاد. ومع ذلك، الآن فقط تأتي امرأة، هي ديلما روسيف، لتصبح أول رئيسة للبرازيل وسادس زعيمة سياسية تحكم دولة في أمريكا اللاتينية والكاريبي. لكن هذا ليس هو الإنجاز الوحيد الذي تحققه البرازيل في الانتخابات الرئاسية. فقد تم الإعلان عن نتائج جولة الإعادة الحاسمة بعد ساعة وأربع دقائق فقط من نهاية التصويت، ما يعتبر رقما قياسيا عالميا. فازت روسيف، مرشحة حزب العمال الحاكم، بنسبة 56 % من الأصوات في الجولة الثانية الأحد الماضي، مقابل 44 % لصالح مرشح حزب الديموقراطية الاجتماعية المعارض جوسيه سيرا. وكانت نسبة الأصوات التي حصلا عليها في الجولة الأولى في 3 أكتوبر، 46.9 و32.6 % على الترتيب. وهذه النتيجة تعكس رغبة الناخبين البرازيليين في استمرار مسار حكومة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وخاصة سياساته الاجتماعية التي نجحت في الحد من عدم المساواة وفي انتشال 20 مليون مواطن برازيلي من براثن الفقر. وبالفعل، أكدت روسيف، في أول خطاب لها رئيسة منتخبة، على التزامها بالعمل على القضاء على الفقر المدقع بحلول نهاية فترة ولايتها في عام 2014. ومدت يدها للمعارضة، وأعلنت عن تشكيل حكومة تقشف، ولكن دون المساس بالبرامج الاجتماعية والخدمات العامة. لكن عدد البرازيليين الذين يعيشون في أحوال الفقر يقدر بنسبة نحو 8 % من إجمالي السكان البالغ 192 مليون نسمة. ومن ثم، يعتبر البعض أن غاية استئصال الفقر في مثل هذه الفترة الوجيزة التي أعلنت عنها الرئيسة الجديدة، قد تكون غير واقعية على ضوء الأزمة العالمية، حسب وكالة إنتر بريس سيرفس. هذا ويأتي فوز روسيف نتيجة لكسبها أصوات مؤيدي الرئيس لولا الذي تحقق شعبيته مستويات قياسية الآن رغم فضائح الفساد المتتالية التي أثرت في الحكومة وخاصة في عام 2005. ولم يكن لولا متواجدا في الفندق بمدينة برازيليا خلال الاحتفال بفوز مرشحة الرئاسة حتى لا يسرق منها الأضواء وفقا لرغبته. وقال متحدث باسمه «إنه يعتقد أن اليوم حفل روسيف وأن الرئيس لن يقول شيئا». وقالت روسيف، المقرر أن تتسلم السلطة من لولا في أول يناير المقبل «هذه أكثر المهام أهمية في حياتي». والذين يعرفون روسيف يقولون إنها «صلبة»، امرأة عملية لكن تتميز بالتصميم وتحب «إنجاز الأمور». ومن الألقاب التي أطلقت عليها «المرأة الحديدية». وكان والدها مهاجرا من بلغاريا، وأمها مدرسة. وانضمت في الستينات وهي طالبة إلى المقاومة المسلحة ضد الدكتاتورية العسكرية التي حكمت البرازيل في الفترة بين عامي 1964 و1985. ورغم أنها تؤكد أنها لم تتورط أبدا في أعمال عنف، إلا أنها كانت تعتبر من الشخصيات الرئيسة داخل الحركة. واعتقلت في يناير 1970 وتعرضت للتعذيب سجينة سياسية لمدة 28 شهرا في ساو باولو. ثم انتقلت إلى بورتو أليجري حيث استأنفت دراستها في الاقتصاد، ثم انضمت بعد ذلك إلى السلك الحكومي لتشغل منصب أمينة المالية، ثم وزيرة المناجم والطاقة في الولاية. وعينها الرئيس لولا دا سيلفا وزيرة المناجم والطاقة في الفترة بين عام 2003 وعام 2005، ثم مديرة مكتب الرئاسة المدني الذي يعتبر مفتاح التنسيق بين الوزارات البالغ عددها 30 وزارة. وقبل عامين، قرر لولا اختيارها مرشحة لخلافته في الرئاسة وسعى إلى نقل الحد الأقصى من شعبيته لصالحها