غالبا ما تكون ردة الفعل الأولية من قبل الأفراد هي الرفض لكل مبادرة حكومية، يتبعها التشكيك في النوايا، والضجة التي أثيرت أخيرا حول نظام النشر الإلكتروني واللائحة التنفيذية، وتصريحات الأستاذ عبدالرحمن الهزاع المتضاربة حول إلزام المنتديات والمدونات بالحصول على أذونات للنشر، وهو المتحدث الرسمي آنذاك لوزارة الثقافة والإعلام ساهمت في خلق جو من البلبلة حول الجديد القادم، لتبرز تساؤلات لماذا اللائحة والنظام، إضافة إلى محترفي الصراخ والعويل من المدونين وأصحاب المواقع الذين تسابقوا في الظهور في وسائل الإعلام المختلفة متباكين على الحرية المسلوبة، رافضين ومنددين وشاجبين بشكل ينافس نبرة قرارات الجامعة العربية تجاه إسرائيل! خطوتان للوراء ونفس عميق، نحن الآن في واحدة من أزهى مراحل الانفتاح الإعلامي في المملكة، برغبة من القيادة السياسية، وبالمتغيرات العالمية والتقنية التي جعلته من المسلمات كذلك، لا يوجد عاقل أو شريف يرضى بالمنع أو كبت الحريات، ولكن من جهة أخرى أحمق من يظن أن الحرية مطلقة، فلك أن تقول ما تشاء دون حساب! وبعيدا عن تصنع المثالية من الطرفين، سواء من قبل الوزارة التي تقول إنها «خطوة تنظيمية» فحسب، أو من المتخوفين الذين يقولون إنها «تكميم للأفواه وفرض سيطرة»، فالواقع يفرض ضرورة الحاجة إلى تنظيم، ولكن يبقى سؤال المليون ريال، عن ماهية هذا التنظيم وآلية عمله والأهم من هذا وذاك.. مزاياه وعقوباته. برأيي الشخصي أن ميزة الخضوع لقانون المطبوعات والنشر مهمة جدا ويعرف قيمتها جيدا كل صحفي، فهي تحمي مصادره وتحميه من قضايا النشر المختلفة التي سوف تباشرها المحكمة العامة في حال عدم تسجيل موقعه الإخباري أو مدونته على سبيل المثال، وتبقى العقوبات محل دراسة إلى الآن، وإن كانت لن تخرج عن الصحافة التقليدية من إيقاف وتغريم وغيرها. يبدو أن الزملاء في وزارة الثقافة والإعلام أخذتهم الحماسة ورغبوا في تقليد الهيئة العامة للاستثمار، فكانت أغرب المزايا التي تم عرضها لأصحاب المواقع الإلكترونية هي إتاحة الاستقدام لهم وتسهيل استخراجهم لتأشيرات عمل! بمعنى من الممكن جدا أن نجد إعلانا «للتنازل سائق بفيزا صحفي إلكتروني!».