ولماذا لا نضيف مادة إلى موادنا الدراسية بعنوان «كيف يقف الإنسان في الطابور؟» فبعض من يسكنون بيننا ويتكاثرون بسرعة عجيبة لا تستطيع الفصوص الداخلية للمخ والمخيخ لديهم أن تقتنع بأن الطابور هو الطريقة الأنسب لتسيير أمور الناس وتنظيمها! ثم إنني وصلت إلى قناعة شخصية بأن طوابيرنا العربية أوجدت لكي يمارس أحدهم دور البطولة فيخترقها تلبية للنداء الداخلي الذي يصرخ فيه «وهل أنت كباقي الناس؟». جرب فقط أن تقف في طابور عربي ولو من ذلك النوع الذي لا يحتوي إلا على ثلاثة أشخاص ثم وبأقل جهد من التركيز ستلاحظ أن واحدا أو أكثر من المنتمين لفئة «ذيبان» سيبحث عن أي طريقة من الفهلوة أو الوقاحة أو المحسوبية لكي يتسلل إلى أول ذلك الطابور بأسرع وقت ممكن! فالتزامات سعادته الكثيرة والمهمة لا تمكنه من الوقوف هناك كباقي أعضاء الطابور الذين ليس لديهم أي التزامات أخرى بل يمتلكون أوقات فراغ كبيرة مما يجعلهم يبحثون عن أي طابور حتى يقضوا أوقات فراغهم فيه، يبدو أنه يفهم الموضوع بهذا الشكل!. من المبادئ البسيطة التي تنص عليها نظرية الطوابير «أن من يدخل أولا يخرج أولا» ورغم بداهة هذا المبدأ وفطريته وعدم حاجتنا إلى «كتالوج» لفهم آلية عمله، إلا أن ذلك وللأسف لا ينطبق على بعض طوابيرنا العربية التي ربما تدخلها أولا إلا أنك لن تخرج قبل خروج «ولد خال» الموظف!. صحيح أن بعض الطوابير لدينا تحتاج منك للخلاص منها إلى دعوات الوالدين والأقرباء وباقي الأصدقاء، وأن تتسلح بكمية كافية من الأدعية والأذكار، وأن تحمل معك الكثير من الكتب والجرائد اليومية إلا أن ذلك ليس مبررا على الإطلاق للمنتمين لفئة «ذيبان» بأن يمارسوا هوايتهم الهمجية بالتعدي على أرقام الناس وأخذ أماكنهم!. ملاحظة: يصاغ لكم هذا المقال من قلب الحدث حيث يقبع كاتبكم في طابور مصاب بفايروس «ذيبان» الذي من أهم أعراضه أن المريض لا يفرق بين صاحب الرقم 6 وصاحب الرقم 66!.