أستطيع أن أطلق على يوم أمس الثلاثاء اسم «إعلام الوجع»، ففي حلقة أمس للبرنامج الإذاعي «العالم اقتصاد» من إعداد وتقديم الصديق المميز «علي المزيد» على إذاعة الرياض، تناولت الحلقة نصائح وإرشادات وكذلك هموم اقتصادية لصغار المستثمرين، ثم الوضع الراهن ووسائل التمويل والمعوقات بكل جرأة وشفافية. وما فاجأني حقا هو اتصال من أحد المستمعين قال فيه ما تسعفني به الذاكرة هنا: «أنا مستثمر صغير، لدي محلات تجارية وأعاني مزاجية البلدية وقراراتها كل ساعة وتغريمي المخالفات، بالإضافة إلى تضييق وزارة العمل وتأخير التأشيرات لأكثر من ستة أشهر في حال إن صدرت، مع منع جذب العامل من الداخل، خصوصا إن كان يعمل لدى جهة لها نفس النشاط، وأنا الآن على حافة الإفلاس، وأدعو الله كل يوم، أن يرزقني بعامل أجنبي يشتري مني هذه المحال وأرتاح، لأن السوق بفضل تضييقات وتعنت وزارة العمل والبلدية أصبح للعمال وليس لصغار المستثمرين السعوديين»!! فلا يأتي أحدهم ويخبرنا «كلكم تبون تصيروا مديرين!»، هناك بعض «المديرين» يستحقون العقوبة! بجريدة الرياض أمس أيضا تحقيق مميز بعنوان «لقمة العيش صعبة» نشر على صفحة كاملة، أجراه مناحي الشيباني، مع صور تنقل تضاريس الوجع بعدسة «حاتم عمر»، والتحقيق يحكي عن سعوديين لا يكفيهم المعاش التقاعدي، فيعملون بجمع الخبز البائت أو بيع المياه وغيرها، فهذا أبو محمد الذي لم يعد معاش التقاعد «1500» ريال، يلبي احتياجات أسرته اليومية، وهي مكونة من سبعة أبناء وبنات، فاستأجر دكانا صغيرا وأخذ يمارس بيع قطع الغيار، وبعد سنوات أخذت العمالة تضايقه في رزقه بحجز الأرصفة والبيع عليها دون رقيب يمنعها، فاضطر إلى أن يضع بضاعته على الرصيف، رغم أن ذلك يشعره بالتعب لكن: «وش اسوي؟ فالعيشة أصبحت صعبة اليوم»، مطالبا شباب اليوم بأن يستعدوا لمرحلة التقاعد، ويؤمّنوا مستقبلهم قبل فوات الأوان. ولم يكن أمس موجعا بالكامل، على الأقل الزملاء هنا في «شمس» واصلوا استعراض حكاية المسلسل الهزلي «جمعية حماية المستهلك» في الصفحة الأولى، حيث يصر رئيسها المقال على استمراره براتب 51 ألف ريال!