كثير من المصلين في صلاة الجمعة يهزون رؤوسهم خلف الإمام ليس لعدم درايتهم بما يقول، بل لعدم دراية الإمام بالواقع، فالمصلون ينصتون للإمام، ويعون ما يقول لو تحدث عن هموم حياتهم اليومية، وهو سيجد مزيدا من الاهتمام لو دخل في صلب ما ينقصهم وما يعانونه، لكن حصر الخطبة في أمور يعرفها معظم المصلين أكثر من محدثهم لن يقدم شيئا، فهناك من الأئمة حين تسمعه يخيل إليك أنه يتحدث إلى حشد من حديثي الإسلام، وصنف آخر ينقل من كتاب تراثي عن خطب الجمعة، وقد يثني في نهاية خطبته لعدم انتباهه على الخليفة العباسي أو العثماني! صلاة الجمعة يحضرها كثير من الناس، ولهؤلاء هموم، وليست مخصصة فقط لهموم الخطيب أو اهتماماته، ومن منبر الجمعة يمكن للخطيب أن يعبر عن حاجات الناس، وأن يكون أكثر فائدة، وعليه إذن أن يبذل جهدا في التواصل مع محيطه، وأن يعرف مشاكله التي يكون التأثير فيها ممكنا من خلال الخطبة، حتى تتخذ إمامة المسجد أو الجامع الدور الاجتماعي المطلوب لا أن تتحول إلى وظيفة كما هو الحال اليوم. هناك الكثير من الأمور التي يمكن التأثير فيها من خلال خطبة الجمعة، ولا أحد يمنع الخطيب من تلمس حاجات الناس والتفاعل معهم، وهناك أدوار اجتماعية يمكن لعبها، فكل حي سكني أو بلدة فيها من الاحتياجات التي من الممكن تحقيقها لو نالت قسطا من التركيز في هذه المنابر، ولن تخرج خطبة الجمعة عن مقتضاها الشرعي، فالمراد من الجمعة اجتماع الناس ووعظهم وتذكيرهم وغيرها من الأمور الشرعية التي لن يلغيها الحديث عن احتياجات الناس وهمومهم.