فنان يموت بسكتة قلبية، وآخر يرحل بعد معاناة مع مرض خبيث، وثالث يرتمي في السرير الأبيض لأشهر بسبب أزمة مفاجئة، قبل أن يختطفه الموت .. تعددت الأسماء والمرض واحد تؤكد الخلفيات الحياتية لبعض الفنانين قبل وفاتهم أنهم من مدمني التدخين، أو أنهم يخضعون طيلة العام لجدول أعمال مؤرق وثقيل، جعلهم يرتمون في أحضان الأمراض، وباتوا بسببه من العملاء الدائمين للمستشفيات والمراكز العلاجية، حيث يمتلك العديد من الفنانين تاريخا مرضيا طويلا، وآخرون يتصالحون مع أنفسهم وقتا طويلا؛ فيتبعون حمية غذائية وصحية تقيهم شر تداعيات الأمراض، ولكنهم سرعان ما تتدهور صحتهم، وشتان ما بين فنان يموت في عز نشاطه وإنتاجه وآخر لا يزال يركض ما بين مسلسل ومسرحية وفيلم، رغم تجاوزه العقد السابع. المتتبع لحوادث وفاة فنانين يلمس أن المرض هو العامل المشترك فيها، فالمؤشرات واقعية لا تقبل الشك، ليس هذا فحسب، بل إن الموت قد يتربص بأسماء أخرى في ظل تدهور واضح لحالتهم الصحية، جراء أسباب تدق ناقوس الخطر باستمرار، وتعلن جرس الإنذار مع وفاة كل فنان يعرف ويستوعب ما احتضنته حياته من تاريخ مرضي أو عادات صحية، حيث يعيش الفنانون قبل مصرعهم أوقاتا عصيبة قد تطول بهم حينما يضطرون مجبرين على العيش في المستشفيات فوق الأسرة البيضاء محاصرين بالتعليمات والنصائح الطبية والأدوية العلاجية، أمراض تفتك أجسادهم لتحرم الفنان أيا كان اسمه من الوقوف أمام الكاميرا، وتستبعد الآخر عن خشبة المسرح، وترمي بالآخر من صالات السينما إلى الأسرة البيضاء، وبالأمس رحل الفنان غانم الصالح بعد معاناة مع مرض السرطان في الرئة ولحق بعدد كبير من الفنانين الذين يقعون فريسة للأمراض ليودعون جماهيرهم، بعد أن يتجرعوا ألم التوقف عن نشاطهم الفني وألم فراق الأضواء والجماهير وألم المرض الذي يعصف بهم وقد اختلفت مسبباته، ولعل أغلب الأحيان يأتي المرض بسبب عدم انتظام الفنان ببرنامج غذائي وصحي وعدم التقيد بالنصائح الطبية، والتي منها الضغط العملي والاستمرار في استخدام العادات السيئة. التدخين من هذه العادات التدخين والتي اتعظ منها فنانون آخرون مثل الفنان عبدالحسين عبدالرضا، الذي يقول «من سبعة أعوام وتزيد قليلا وأنا أشعر بارتياح كبير في نفسيتي وأعصابي منذ أن أقلعت عن التدخين بعد أن عانيت منه صحيا، فاستمعت لنصائح الأطباء وتركته» وكذلك الفنان محمود ياسين الذي أقلع عنه نهائيا منذ فترة طويلة وعلق على تركه للتدخين بأن صحته تحسنت تماما وأن العادة السيئة التي لازمته منذ أن كان طالبا كانت بين حين وآخر تهدد حياته صحيا، بل إنها تسببت في دخوله لغرفة العمليات لإجراء عمليات جراحية في قلبه، مشيرا بأنه تدارك وضعه الصحي قبل فوات الأوان، مؤكدا بأنه مشارك في حملات للإقلاع عن التدخين وكثيرا ما ينصح زملاءه وأصدقاءه بالإقلاع عنه، وأوضح أن اهتمام الفنان بحالته الصحية أمر ضروري، وكذلك سميحة أيوب والتي ابتعدت عنه بعد أن عانت منه صحيا، بالإضافة إلى سعيد صالح والذي قال إنه ترك التدخين؛ لأنه بحد ذاته مرض وهو يكفي ما فيه من أمراض. وبحسبما جاء على لسان أطباء، فإن عددا من الفنانين قبل مصرعهم أهملوا نصائحهم بالابتعاد عن التدخين مثل ممدوح وافي وفؤاد المهندس وسيد زيان وغيرهم ممن وافتهم المنية بعد معاناة مع أمراض تتعلق بسرطان القلب والرئة. ضغط العمل ولا تقتصر أسباب الوفاة على استخدام التدخين بشراهة بالنسبة للفنانين، بل إن هناك عددا ليس بالقليل من الممثلين والمطربين لا يكترثون بتعليمات الأطباء حول تجنب الإرهاق والضغط في العمل والأنشطة الفنية، حيث إن أحمد زكي قبل وفاته كان يعاني من مرض وعلى الرغم من النصائح الطبية إلا أنه كان يركض في الميدان السينمائي للانتهاء من تصوير آخر أفلامه لينعكس عليه ذلك سلبا، وكذلك فإن حمدي غيث قبل وفاته كان يبذل مجهودا وتعرض لأزمات قلبية نتيجة للجهد الكبير مع أن الأطباء القائمين على علاجه أصدروا أوامر صحية بألا يبذل أي مجهود إلا أنه لم يستمع؛ لذلك لازم الفراش لفترة طويلة بسبب تدهور صحته. وعلى المستوى الخليجي،نجد أن خالد النفيسي وعلي المفيدي ومحمد الجناحي ومحمد العلي كانوا قبل وفاتهم يعانون من أمراض، ومع ذلك استمروا في الضغط على أنفسهم بالمشاركات الفنية العملية ليهملوا البرنامج الصحي، وتكون نهايتهم الحياتية سريعة. ويبدو أن نصائح الأطباء قد أخذ بها فنانون آخرون، يتزعمهم عادل إمام، الذي قل عطاؤه الفني وتجنب الضغط في المشاركات السينمائية والمسرحية؛ لكي لا تنعكس على صحته سلبا، ولا يقتصر الوضع على الزعيم، بل إن عددا كبيرا من الفنانين الخليجيين والعرب اختلفوا في طرق التخفيف من الضغط العملي مثل عبدالكريم عبدالقادر، الذي صرح بأنه يتجنب الضغط في مشاريعه الفنية؛ بسبب نصائح طبية وأيضا الفنانة صباح، التي أخذت تحافظ على صحتها وتهتم كثيرا بالنصائح الطبية، على الرغم من أنها تجاوزت التسعين، ونذكر على المستوى المحلي فنانين عدة تجاوزت أعمارهم السبعين ويلتزمون بالتعليمات الطبية وتندر مشاركاتهم، ومن هؤلاء محمد الطويان وعبدالكريم الخريجي وحسن حسني ويوسف داود، وغيرهم ممن يشاركون في أعمال سنوية يكون الدور فيها يعتمد على الحديث أكثر من الطاقة الجسدية والمجهود البدني