شهدت القرون الماضية تغيرا جذريا في وسائل المواصلات والتنقل بين مكان إلى آخر، فقد كان حجاج بيت الله الحرام ينتقلون في السابق بين المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج سيرا على الأقدام، أو يستخدمون الدواب كالحمير والبغال، كوسيلة من وسائل التنقل بين عرفات ومزدلفة ومنى التي كانت بالنسبة إليهم مشقة وتعبا ويعانون الظمأ نتيجة المسافة الكبيرة بين المشاعر المقدسة خلال أيام الحج. ومع مرور الزمن شهدت وسائل المواصلات تطورا كبيرا في التنقل بين المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج وإتمام النسك وأصبح استخدام حجاج بيت الله الحرام للتقنية أمرا ضروريا وملحا، حيث كانوا في الأعوام الماضية يتنقلون وصولا إلى المسجد الحرام بالسيارات وحافلات النقل، وكذلك الدراجات الهوائية والنارية، ومع تزايد أعدادهم وتقديم أفضل الخدمات لهم لإتمام مناسك حجهم بكل يسر وسهولة، فكان من ضمن منظومة الخدمات التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين لضيوف الرحمن ولتخفيف الضغط المروري في تنقل الحجاج، أطلق قطار المشاعر الذي يأتي ضمن المشروعات التي نفذتها وتنفذها الدولة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني، في المشاعر المقدسة لخدمة وراحة حجاج بيت الله الحرام، وتوفير الرعاية الشاملة لهم ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان. 20 قطارا في كل عام تضاف مشروعات جديدة بهدف تحقيق المزيد من سبل الراحة لوفود الرحمن، وذلك استشعارا من ولاة الأمر بأن خدمة حجاج بيت الله الحرام نعمة أنعم الله بها على هذه الدولة، وشرف عظيم لا يوازيه شرف، ومسؤولية عظيمة يجب أن تؤدى بالشكل المطلوب. يعد مشروع قطار المشاعر المقدسة أول قطار في المشاعر المقدسة لنقل أكبر عدد ممكن من الحجاج في مدة وجيزة، وعلى وجه الخصوص النفرة من عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، وتبلغ الطاقة الاستيعابية له 72 ألف حاج في الساعة، ويحتوي المشروع على 20 قطارا سعة كل واحد 12 عربة، تسع الواحدة منها بين 250 إلى 300 شخص، ويبلغ طول القطار الواحد 300 متر، وبذلك يبلغ مجموع طول القطار ستة كيلومترات, وقد صمم على أعلى المستويات وبأعلى المواصفات وجهز بأحدث الأجهزة، ويمكن قيادته آليا دون سائق. ويتحكم القطار في سيره بشكل تلقائي، كما يمكن التحكم في الحشود والمراقبة في كل محطة من محطاته التسع في عرفات ومزدلفة ومنى, وتوجد غرفة رئيسية في محطته للمراقبة مرتبطة بمركز القيادة والسيطرة بمشعر منى، وسيستفاد من طاقته الاستيعابية هذا العام بنسبة 35 %، فيما تتم الاستفادة من الطاقة الاستيعابية له بالكامل خلال موسم حج العام المقبل 1432ه. حركة السير يشار إلى أنه سيعقد اجتماع تحضيري وتنسيقي بين الجهات المعنية لتحديد الأسعار الخاصة باستخدامات قطار المشاعر، وسيتم إطلاق الخدمة الكاملة للقطار العام المقبل، حيث سيتم تشغيله بنسبة 35 % موسم حج هذا العام، وستتم حركة السير عن طريق النقل لمحطات تنطلق من منى الى مزدلفة ثم إلى عرفات ثم إلى منى مرة أخرى، وتوجد في كل مشعر من المشاعر ثلاث محطات على أن تكون المحطة الأخيرة بالقرب من جسر الجمرات عند الدور الرابع مباشرة لجسر الجمرات. تخفيف الضغط وأوضح رئيس لجنة الحج والعمرة بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة الشيخ سعد جميل القرشي أن قطار المشاعر المقدسة كان حلما يراود الجميع، وقد أصبح حقيقة هذا العام، مشيرا إلى أن القطار سيخفف هذا العام 35 % من الضغط المروري في المشاعر المقدسة. وأضاف القرشي «هناك جدول زمني لتفويج حجاج بيت الله الحرام لقطار المشاعر المقدسة، ومتى يتحرك الحجاج من المخيمات إلى القطار، حيث سيوزع الجدول على جميع شركات ومؤسسات الحج للتقيد بالأنظمة واللوائح والجدول الزمني المتفق عليه»