كلما ثارت قضية تتعلق بشأن من شؤون المرأة عندنا، انقسم معظم فئات المجتمع إلى فريق «يولول» ويلطم بالكلمات، وفريق يشمر عن عقل متيبس و«يفزع» لكل موروث نسب ظلما لتشريع ديني، ولربما وقف فريق آخر يتفرج ويوزع نظرات الترقب ولا عجب أن يكون جله من النساء. أحيانا أظننا أصبحنا جاهزات للردم، لا شيء يحركنا من أماكننا، أقصدنا نحن النساء اللاتي لا يمكن أن يشعر بوجعنا غيرنا، أخبروني من يستطيع غيرنا أن يصف وجع طبيبة وصل عمرها إلى الأربعين، يعضلها والدها، ويسرق أجمل أيام حياتها، ويمارس عليها كل الضغوط، ويطالب بحق رجوعها من دار الحماية الذي تسكنه منذ خمس سنوات ولسان حال الكثيرين يقول له «سم» ولك كامل الحق؟ من يقدر غيرنا على معرفة الكيفية التي توزن بها حقوقنا؟ ومن غيرنا يجب أن يخطو ويقرع الأبواب ويعلق الجرس؟ إن هناك من تدير مدرسة كاملة وتتقدم سربا من الأمهات، وتستطيع أن تقف جنبا إلى جنب في أكبر المختبرات بالعالم، وممكن أن يعمد إليها باستئصال ورم خبيث لكن هي ذاتها أبدا لا يمكن أن تملك حق إدارة حياتها! لأن البعض أمسكوا بالحبل وقالوا لأولياء الأمور «اعضلها وتوكل». من غيرنا يا سيداتي الفاضلات تعرف معنى «القيد» الموسوم بقانون، فمهما وصلت «نون» منا وحصلت على المكانة الاجتماعية، ومهما ترقت في الدوائر الحكومية، ومهما طال مكوثها على مقعد في مجلس الشورى إلا أنها وبكل سهولة، وتحت يد الحراسة المشددة قد تنقاد إلى بيت رجل لا تريده، وقد تعضل وتضرب بكرامتها عرض الحائط، وتنتقل من يد الأب إلى الزوج إلى الولد، ولا غرابة لو لم تجد لها يد لتناقلاتها أيد رجال القبيلة كلها. إن ما نعيشه يقول: كوني أي شيء إلا أن تكوني صاحبة أهلية كاملة، أو أن تكوني راشدة حتى لو بقيت لك خطوتان على القبر!