توقعت صحيفة «الجارديان البريطانية» أن تكون انتخابات التجديد النصفى الأمريكية المقررة فى نوفمبر المقبل الأكثر تكلفة فى تاريخ البلاد، حيث تشير التقديرات إلى أنها ستتجاوز الخمسة مليارات دولار، وهو ما يعد مؤشرا على أن نتائجها ستكون أول اختبار للرأي العام في عهد الرئيس باراك أوباما منذ السباق إلى البيت الأبيض عام 2008. وفي ظل مواجهة الديموقراطيين لكارثة انتخابية وخوض أوباما معركة للحفاظ على رئاسته، فإن الجمهوريين يشنون حملات كبيرة ينفقون فيها أموالا ضخمة حصلوا عليها من الشركات، بعد أشهر من قرار المحكمة العليا رفع القيود عن تمويل الحملات الانتخابية من جانب المؤسسات الخاصة مع إمكانية عدم الكشف عن الجهات المانحة. يعد القرار الذي اتخذته المحكمة العليا في يناير الماضي برفع القيود عن تمويل الحملات الانتخابية من الشركات ومجموعات الضغط والنقابات بمثابة ثورة في القانون الأمريكي وانقلاب على التقاليد السياسية التي استمرت قرنا من الزمان والتى لم تكن تتيح للشركات المشاركة بالتبرعات. وكان ممكنا أن يمر هذا القرار دون إثارة الاستغراب في بلد يرى أن المال وحرية التعبير هما قيمتان طاغيتان وبلغت فيه الدعاية الانتخابية مستويات عالية. لكن التفوق تحول لصالح خصوم أوباما الذين يحصدون التبرعات من المجموعات الموالية لهم، وغالبا ما يكتمون مصدر الأموال. ويخوض الحزبان الأساسيان الديموقراطي والجمهوري معركة شرسة للسيطرة على الكونجرس. ومن أجل ذلك، صرفت مليارات الدولارات منذ بداية الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين لهذه الانتخابات في مارس الماضي. ويتوقع محللون أن تكون نفقات الانتخابات النصفية هي الأعلى في تاريخ أمريكا، خصوصا مع رغبة العديد من الشركات والمنظمات في بث إعلانات مناهضة لقانوني الرعاية الصحية والإصلاح الاقتصادي اللذين لم يراعيا مصالحها وعلى رأسها البنوك وشركات الصناعات الدوائية. والطريف أن الشركات المتضررة تبث إعلانات مناهضة ضد كل سيناتور ونائب صوت مع القانونين المذكورين كي لا يتم انتخابه من جديد. وهناك 527 منظمة وشركة ومؤسسة ستدفع مقابل إعلانات متلفزة لدعم مرشحين أو للهجوم عليهم. وعلاوة على ذلك، يصرف بعض المرشحين أموالا طائلة لإعادة انتخابهم أو تأمين دخولهم للمرة الأولى إلى مجلسي الشيوخ أو النواب أو وصولهم إلى كرسي الحاكم في إحدى الولايات. ويعتمد معظمهم على تبرعات مناصريهم والشركات التي تدعمهم. لكن هناك عددا كبيرا منهم يعتمدون على حسابهم المصرفي الخاص. هؤلاء هم وافدون جدد على السياسة الأمريكية، يترشحون للمرة الأولى بعدما أتوا من عالم الأعمال والقطاع الخاص بشركاته ومصارفه. هؤلاء يترشحون عن الحزبين في تشجيع واضح من قيادتي الجمهوريين والديموقراطيين لهم لأنهم يمولون حملاتهم بأنفسهم، ما يوفر على خزانة الأحزاب نفقات الدعاية لهم. وتعد المرشحة الجمهورية لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا ميج ويتمان أكثر شخص صرف من دخله الخاص على الانتخابات حتى اليوم بواقع 119 مليون دولار. ونالت ويتمان بطاقة ترشيح حزبها بعد تغلبها على ثري آخر هو ستيف بويزنر الذي صرف 24 مليون دولار قبل أن يخرج من السباق. وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة، تبين أن معظم الذين يصرفون الأموال من جيوبهم الخاصة يخسرون، إذ يتعاطف الشعب مع المرشح الذي يطلب مساعدته المالية فيعدونه أقرب لهم. لكن الوضع الاقتصادي في أمريكا اليوم قد يغير هذا الواقع، فالناس لم يعد باستطاعتهم التبرع كثيرا، وقد يفضلون مرشحا لا يحتاج إلى مساعدتهم، ويكون قادرا على أن يصرف مئات الملايين على نفسه ليصل إلى الكرسي، ويسن قوانين جديدة تفيد شركاته الخاصة .