طالعتنا الصحف مطلع هذا الأسبوع بخبر من مؤسسة الفكر العربي التي أعلنت أنها ستطلق أكبر استطلاع للرأي حول اللغة العربية من مختلف الجوانب تحت شعار «لننهض بلغتنا»، والهدف منه كما جاء في التصريح، الكشف عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى تراجع اللغة العربية مؤخرا. هذا الاستطلاع أتى في وقت تعالت فيه أصوات كثير من المفكرين والمهتمين باللغة العربية التي يجد البعض أنها لغة بطيئة لا تتناسب مع تسارع العصر، وأنها لغة قديمة دخلت مرحلة الاحتضار. وفي المقابل، هناك من يتباهى بتميز هذه اللغة وثرائها اللغوي، وضرورة الإبقاء عليها كجزء من الهوية والموروث الثقافي. بين آراء مؤيدة وأخرى رافضة، هناك واقع آخر تخجل منه اللغة العربية نفسها. فعندما يعترف الشاب العربي بأنه لا يتقن اللغة الإنجليزية تحدثا وكتابة، فليس بالأمر المستغرب، ولكن عندما يعترف بأنه لا يستطيع كتابة موضوع إنشائي خال من الأخطاء الإملائية والنحوية، فهنا يكون كل الاستغراب حاضرا. سنوات طويلة من دراسة اللغة العربية كنظام دراسي معتمد من المفترض أن تكون كافية لصقل اللغة، ولكن هذا الذي لا يحدث، حيث أصبحت «لكن» «لاكن»، و «قرض» «قرد»، والأمثلة كثيرة ومضحكة أحيانا. تقريب المجهر على حالتنا الاجتماعية، يوضح صورة من التنافر والضياع اللغوي بين أصحاب اللغة أنفسهم الذين يرددون أنه ما الحاجة إليها ما دامت اللغة تعاني تضخم مفرداتها ومرادفاتها؟ ما الحاجة إليها ما دامت اللهجة العامية سهلة وبديلة؟ ما الحاجة إليها ما دامت التكنولوجيا الحديثة لا تحرص على استخدامها؟ وما الحاجة إليها ما دامت المربية والعامل بالمنزل لن يفهمونا من خلالها؟ ما الحاجة إليها ما دامت جميع مكاتب التوظيف والشركات لا تقبلها؟ بعد كل هذه المبررات أصبح النهوض باللغة العربية ضروريا، بل معادلا لضرورة تعلم اللغات الأجنبية العالمية الأخرى، هذا إذا أردنا الحفاظ على هويتنا والتقدم لمجتمعنا.