في الأعوام القليلة الماضية كثرت حوادث إطلاق النار على مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا التوجه الذي لم يكن مشهودا من قبل، يوحي بأن هناك شيئا غير معلوم، وأن تغطيته لم تعد إلا محاولة لصرف الانتباه، فمطلقو النار لديهم أسباب، دون أن نبرر فعلتهم على الإطلاق، جعلتهم يقدمون على هذا الفعل الخطير والمستنكر. لكن فعلهم المتجاوز للقانون ليس جرما فحسب، بل ينطوي على ما هو أعمق، فهذا الذي رفع السلاح في وجه جهاز الهيئة ما وصل إلى هذه الحالة إلا لسبب ما، قد يكون دافعه أن ظلما وقع عليه من فرد يعمل في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من محتسب محسوب عليها، وهذا الضرر قد يكون وجد من يغطيه، فلا المتضرر أخذ حقه، ولا الهيئة عاقبت المنتسب إليها، وهذه التغطية قادت إلى رد الفعل العنيف، ولا يسع أحدا اليوم أن يدعي أن ما يحدث من خرق للنظام سببه إشكالات فردية. من غير المقبول رفع السلاح، فهناك سلطة في البلاد مهمتها تحصيل حقوق الناس، لكن في المقابل من غير المقبول أيضا أن يغطى على المخطئ، لأن التستر عليه جريمة لا تقل خطرا عما أقدم عليه مطلقو النار على رجال الهيئة، فهذه الدائرة ما لم تكسر، وما لم ينل المخطئ جزاءه في العلن، سيبقى هناك من يعتقد أنه ظلم، وأن حقه أهدر، وأنه لا أحد يسعه النيل من خصمه، وأن الحل رفع السلاح في وجه هذا الخصم. لعله بات من الضروري على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تبحث بشكل جاد وعاجل في أسباب التعدي عليها، وأن تعمل على معاقبة من يتجاوز حدوده أو صلاحياته الرسمية، وألا تتحول إلى جهاز يتواطأ مع منسوبيه حتى لو أخطؤوا، فالمصلحة العامة تقتضي أن تقف إلى جانب الحق بفصلها بين تصرفات العاملين وبين دورها كجهاز رسمي له مهمات وواجبات محددة.