تطوعت مجموعة من شباب جدة في محاولة منهم لإنهاء أزمة حفر جدة التي تعاني منها منذ أعوام عديدة ولا تزال. وفيما تفرغ عدد منهم لإحصاء بعض المناطق التي يرونها مهمة، وثقوا العمل بكاميرا خاصة بهم، حتى يسهل عليهم العمل عند البدء في المشروع، حيث استغرقت عملية البحث والتصوير قرابة أسبوعين كاملين. وتقدموا بالمشروع كاملا إلى أمانة جدة للاطلاع عليه ومساندتهم في الفكرة، إلا أنهم وجدوا أن الأمانة لم تتفاعل معهم، كما توقعوا ذلك ولم تعطهم إشارة البدء في المشروع حتى الآن. عدد من الشباب رووا ل «شمس» بحرقة عن مشكلة حفر جدة ونيتهم في إنهاء هذه المشكلة حتى تكون جدة بحق غير. وأوضح الشباب أنهم: «أصدقاء في الأصل، تشجعنا للفكرة، وانضم معنا البقية رغبة في التخلص من الحفر، كما أن فكرة العمل كانت ستنطلق في رمضان، حيث يحرص كثير من الناس على القيام بأعمال خيرية، فأحببنا أن نقوم بمشروع خيري تكون فكرته جديدة، إلا أن الانتظار الذي طال إلى هذا اليوم جعلنا نتكاسل عن أداء المهمة». طرق متعثرة ويشير مهند باسودان، 20 عاما، إلى أن المشكلة باتت واضحة وجلية للعيان، فهي تنتشر في جميع أحياء جدة بلا استثناء، والفكرة بدأت عندما وجد كل واحد منا أن الطريق المؤدي إلى جامعته أو المكان الذي يرتاده بشكل يومي مليء بهذه الحفر، بل يزداد عددها يوما بعد يوم، وفي كل يوم نسقط في هذه الحفر من غير أن نجد من يردمها أو يصلح لنا هذه الشوارع: «اجتمعت مع بعض أصدقائي المقربين الذين يعانون المشكلة نفسها وطرحنا فكرة القيام بردم الحفر التي نعانيها في طريقنا المؤدي إلى جامعاتنا وبعض الطرقات التي نستخدمها بشكل يومي، لأننا لا نستطيع أن نغطي جميع الأحياء أو غيرها لأننا نفتقد مقومات العمل». وأشار إلى أن الفكرة جاءتنا من أعوام طويلة إلا أن الحماس يخف مع الأيام، إلى أن جاءتنا فكرة حاولنا فيها أن نحرك الرأي العام معنا من خلال الاستعانة ببعض العلاقات تجعلنا نتفق مع أمانة محافظة جدة للحصول على الدعم الكافي لردم هذه الحفر والاستعانة ببعض المهندسين المختصين في ذلك، ووفقنا في هذه الخطوة، إلا أن الخطوات التي بعدها لم نتمكن منها بعد. حملة للرصد واقترح ريان غندورة، 20 عاما، التوسع في الموضوع أكثر، فبادر بطرح فكرة حملة تختص بهذا الشأن، فبدأ تنفيذ المشروع في شهر شعبان: «وتشجع معنا بعض الشباب وجاءتنا فكرة إقامة حملة كبيرة تشمل جميع أحياء جدة المتضررة، ورصدنا قرابة 700 حفرة وجدنا أنها تعرقلنا بشكل يومي، وحتى الآن تفاعل معنا قرابة 50 شابا مستعدون وجاهزون لتنفيذ العمل، مع اعتقادنا أن في بداية المشروع سيرتفع العدد إلى الضعف على الأقل، لأن جميع من يسكن في مدينة جدة يشعر بهذه الأزمة بل يتضرر منها بشكل يومي، لذلك وجدنا التفاعل العجيب مع فكرة الحملة ومع بداية العمل ستجد أعدادا كبيرة ستنضم إلى الفريق، وكثير من الشباب تضررت سياراتهم من هذه الحفر، حتى إنني مررت بأحد هذه الطرق فسقطت سيارتي في حفرة كبيرة ما نتج منه تلف كمبيوتر السيارة، والسيارة حاليا تالفة، وعشرات السيارات التي نشاهدها يوميا وهي تصارع الحفر بحثا عن مخرج للهروب، وعدد كبير منها لا يسلم». اخطبوط منتشر وأشار تركي بغلف، 20 عاما إلى أن طبيعة الحفر التي تم رصدها غالبا ما تكون في شوارع رئيسية، أو الحفر التي إذا سقطت فيها إحدى السيارات قد تفسد شيئا مهما في السيارة كما حصل مع بعض المشاركين، موضحا أن كثيرا من الحفر تجاوزناها نظرا إلى كثرتها.: «جميع الشوارع الرئيسية في مدينة جدة لا تخلو من مثل هذه الحفر، فمثلا شارع صاري، طريق الملك عبدالعزيز، طريق الملك عبدالله من جهة حي النسيم، شارع الستين، شارع السبعين، وبقية شوارع جدة سواء الرئيسية أو غيرها، وبعد البحث في طرق وشوارع جدة وجدنا أن الحفر لا تنتشر فقط في مناطق جنوبجدة إنما منتشرة في أرجاء المدينة، شمالها وجنوبها، ما يحتاج إلى جهد كبير وعمل متواصل لإنهاء هذه الأزمة، كما لاحظنا انتشار الحفر الوعائية بشكل كبير في أغلب طرق جدة». ليست كل الحفر وعاد مهند للحديث مجددا ليؤكد أن المواقع التي حددناها ليست الكل، إنما الكاميرا التي كانت بصحبتنا لا تتسع لأكثر من 700 صورة، وإلا فالحفر كثيرة ولا يمكن حصرها، والبلدية ذكرت لنا في إحصاء جديد أنه تم حصر 76 ألف حفرة حتى الآن: «كثير من عمليات إصلاحات الطرق التي تقوم بها الشركات في الشوارع تكون سببا رئيسيا في زرع مثل هذه الحفر، يكفي أنهم عطلوا الشارع لأيام وبعد انتهائهم من العمل يتركون المكان مليئا بالحفر، وهذا شيء يسيء إلى سمعة الشركات ويعطل أعمال الناس ويضر كثيرا بالسيارات، ما يؤكد أن هذه الشركات ليس عليها رقابة صارمة من الجهات المسؤولة». التزفيت السبب وبين تركي أن التزفيت الذي تقوم به الشركات يعتبر سببا رئيسيا في هذه الحفر، كما أن البنية التحتية لهذه الشوارع «أي كلام»، مشددا على عدم صحة من يقول إن مدينة جدة ساحلية، وإن المياه الجوفية السبب في مثل هذه الأزمات، مشيرا إلى أن كثيرا من المدن الساحلية خارج المملكة في قمة الروعة والجمال، ولم تؤثر هذه المياه في شوارعها، وسيول جدة الأخيرة كشفت المستور. خدمة للمجتمع وعد الشباب القائمون على المشروع أن هذا العمل نقدمه خدمة لسكان جدة عامة وللمشاركين في الحملة على وجه الخصوص: «تقدمنا بالفكرة لأمانة جدة واستقبلونا ووافقوا على الفكرة مبدئيا، إلا أننا حتى الآن ننتظر البدء في المشروع». وأوضح تركي أن: «الأمانة سألتنا هل أنتم جاهزون بالأدوات والعدد، فأبلغناهم أننا جئنا لنخدم جدة كلها، ونحتاج إلى دعم الأمانة ووقوفها معنا وتجهيزنا بالأدوات، وما زلنا نأمل أن تعطينا الأمانة إشارة البدء، مع أنهم أبدوا تفاعلهم الشديد مع الفكرة في البداية، إلا أننا وجدنا أنها لم تأخذ الموضوع بجدية حتى الآن، فلو تأخرت علينا الأمانة وطال انتظارنا سنجعل فكرتنا محصورة فقط على المناطق التي حددناها سلفا، وسنجعل نطاق العمل محصورا على الأحياء التي نقطن فيها». وأشار إلى أن هذا التأخر في الموافقة أو تهميش الموضوع كليا لن يصب في مصلحة وخدمة مدينة جدة، لأن المدينة بالفعل تشتكي وتئن، وتحتاج إلى مثل هذه الأفكار وتضامن مواطنيها لتكون بالفعل كما أريد لها «جدة غير». مستعدون للعمل وأبدى الشباب استعدادهم التام في تحمل أعباء إصلاح الحفر والعمل بجد واجتهاد في سبيل أن تكون جدة أجمل، والتخلص مما يشوبها من هذه الناحية، وحسب ريان: «لو سلمتنا الأمانة العمل سيتحدد عدد المشاركين بشكل فعلي وعلى حسب العدد سيكون العمل، وستتقلص مدة العمل بحسب الجاهزية، مشكلة حفر جدة لن تنتهي إلا إذا شددت الأمانة وغيرها من الجهات الحكومية الأخرى الرقابة على الشركات التي تقوم بهذه المشاريع، لا نريد لجدة التي تعد معلما سياحيا مهما أن يشوبها ما يسيء لها، وجدة بهذا الشكل «ليست غير».