يحجم بعض الآباء عن إلحاق أولادهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم بحجة أن الانشغال بحفظه ومراجعته، سيكون على حساب التحصيل الدراسي، لكن أكاديميون وباحثون مختصون أجمعوا على أن حفظ القرآن الكريم له أثر جيد في تنمية المهارات الأساسية لدى الطالب، وزيادة تحصيله العلمي وتفوقه الدراسي. ودعا أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الدكتور عبدالله الصبيح الطلاب إلى الانضمام لحلقات التحفيظ المنتشرة في جميع مناطق المملكة «حفظ القرآن الكريم يساعد على التركيز، وهو مطلب أساسي في تحصيل العلوم، وأي علم من العلوم سواء كان في الطب أو الرياضيات، أو علوم الشريعة أو العلوم الطبيعية: الفيزياء والكيمياء، وغيرها تحتاج إلى تركيز عال جدا، ومن يحفظ القرآن يتدرب على تركيز انتباهه منذ صغره، فهو أقدر، وبالتالي فمستوى تركيزه أعلى من مستوى تركيز غيره». وأشار الصبيح إلى أن خلايا الدماغ مثلها مثل أي عضو في جسم الإنسان، وهذا العضو ينشط بالاستخدام ويضعف بالإهمال، ومن يحفظ باستمرار لا شك أن خلايا دماغه وجسمه تنشط وتكون أقوى من ذلك الذي أهمل استخدامها في الحفظ. وبين أن الذين يحفظون القرآن من خلال الحرص على حفظ «وِرد يومي» من القرآن، يكتسبون قدرا من الجدية في حياتهم، فضلا عن تعلمهم كيف ينظمون حياتهم، مضيفا أنهم يمتلكون أيضا القدرة على التخطيط في الحياة ووضع أهداف لها، وهما مطلبان آخران من أجل النجاح في الحياة. كما ذكر استشاري الأمراض النفسية بجدة الدكتور عدنان عاشور أن القرآن يساعد الطالب في التحصيل العلمي «الذاكرة ملكة جسدية تنمو بإنمائها وتتسع كلما زاد مخزونها، فإذا أحسن الإنسان التعامل مع قواه العقلية، وأحسن استغلال ذاكرته واستثمارها في شبابه وكهولته، تضاعفت قواه العقلية والفكرية». وأكد عاشور أن حفظ القرآن وملازمة المراجعة والتلاوة، يساعد في تنظيم الوقت وحسن استغلاله، مشيرا إلى أن الإكثار من حفظ القرآن الكريم وتلاوته، سبب في طلاقة اللسان وفصاحته. كما أوضح أن للقرآن الكريم أثرا عظيما في تحقيق الأمن النفسي، والطمأنينة القلبية والسكينة «فهو طاقة روحية هائلة ذات تأثير بالغ الشأن في نفس الإنسان، يهز وجدانه، ويرهف أحاسيسه ومشاعره، ويصقل روحه، ويوقظ إدراكه وتفكيره، ويجلي بصيرته، فإذا بالإنسان بعد أن يتعرض لتأثير القرآن يصبح إنسانا آخر كأنه خلق خلقا جديدا. وأشاد المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة بكر بن إبراهيم بصفر بحلقات التحفيظ «طلاب حلقات التحفيظ متميزون في دراستهم، وتلك حقيقة ومسلمة الكل يعلمها، فالقرآن الكريم باب يفتح الله به العقول ويساعد على التميز بإذن الله»، ويتابع «فطلاب القرآن الكريم أغلبهم متميزون دراسيا، ليس في المواد النظرية فقط بل في المواد الطبيعية: الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء». كما أشار رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة المهندس عبدالعزيز حنفي إلى أن معظم الطلاب المتميزين والمتفوقين دراسيا من طلاب حلقات التحفيظ المنتشرة في مختلف مناطق المملكة «وزارة التربية والتعليم أعدت دراسة بهذا الخصوص، بينت أن أكثر من 90 % من المتفوقين والمتفوقات في الثانوية العامة من طلبة تحفيظ القرآن الكريم».