يحدث الارتياب نتيجة تصور مسبق، مثقل بالخوف والتوقعات من شيء نجهله وينقصه الإثبات، وكثيرة هي الأشياء التي ينقصها اليقين المجرد في حياتنا، وحديث النفس المستمر فينا يمطرنا بأفكار قد لا نملك شجاعة طرحها؛ لتبقى معلقة حتى تدفن معنا. ولنأخذ قيمة القدرة على التخيل، ونعمة الخيال التي منحها الله سبحانه وتعالى لنا، فهل هي لمجرد الركون لأحلام اليقظة، أو القدرة على تخمين النتائج، أو حتى التخطيط، أم أنها أعظم من ذلك كما يراها بعض العلماء، مثل الدكتور جوزيف ميرفي صاحب كتاب «قوة عقلك الباطن» والذي قد يصنفه المنطقيون الذين انحصر إيمانهم في الأبيض والأسود، على أنه ضرب من الجنون؟! فإذا كان فعلا قانون العقل «أنك سوف تحصل على استجابة أو رد فعل من عقلك الباطن وفقا لطبيعة الفكرة التي تحتفظ بها في عقلك الواعي»، فإن الناس المنشغلين بالخوض في الأمراض، والظلم، والكوارث، وكل ما هو محبط، يحصلون على الصور فعليا، ويجرون أنفسهم إليها دون إدراك منهم. وبالتالي فإن منهجيتنا في التحذير من الخطر، تقودنا إليه، وعلينا تغييرها، على سبيل المثال: فالتحذير المدون على علبة السجائر بشرح الأمراض التي قد تصيب المدخنين، تعطي العقل الباطن أمرا لتنفيذه، ويعمل الجسد على إحداثه من خلال الصور المتخيلة في عقل المدخن!. وكذلك التهويل المتبع من مرض السرطان وأسبابه الكثيرة جدا، حتى أضحى أغلب ما حولنا قد يصيبنا به، ليكون هاجسا يحث أجسادنا على تحقيقه. ومن الطرافة أن المثل الشعبي «الهزوى..عدوى» يعتبر شرحا مختصرا لغرابة أن يفعل الإنسان ما قد اعتبره يوما ما خطأ، على سبيل السخرية، حتى أنه أحيانا يكون مجرد استهجان احتفظ به لنفسه، فإذا هو- مع الوقت- يمارس ذات السلوك! لكن.. ماذا يحدث لو استبدلنا كل ما ذكر آنفا بخيال أخاذ ونافع عن الصحة والنجاح واصطياد الفرص، وتوقعنا الأجمل، وبنينا من أحلامنا صورا قد تصبح ملك أيدينا؟ فما الذي نخسره؟! خارج النص: حرية القرار تكون بتجاوز مخاوف الآخرين والمضي قدما.