أسدل الستار أخيرا عن ديربي القصيم الذي طال انتظاره بفوز التعاون المستحق على غريمه التقليدي الرائد بهدف دون رد وسط حضور جماهيري غفير اكتظت بهم مدرجات ملعب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرياضية ببريدة، التعاون استحق الفوز وذلك نظير الحماس والرغبة في الفوز والتي تسلح بها لاعبو التعاون ضد نجوم الرائد، وعندما أقول نجوم الرائد فإنني أعني بذلك الأسماء اللامعة التي تمثل فريق الرائد؛ حيث كان بمقدرة تلك الأسماء قلب أي نتيجة كانت في أي مباراة إلا أن تلك الأسماء حضرت للملعب بأجسادها لا بأرواحها في مباراة التعاون الذي استطاع بفضل الإصرار والعزيمة أن يلحق بالرائد الهزيمة. التعاون دخل المباراة وهو يدرك تماما أنها مباراة ديربي عكس لاعبي الرائد الذين دخلوا المباراة بكل كبرياء وتعال ونسوا أو تناسوا أنها مباراة ديربي ولا تخضع للمقياس ولا أي اعتبارات ولا حتى الفوارق الفنية إلا ما ندر، لاعبو الرائد انساقوا خلف التوقعات التي صبت في مصلحتهم مما خدرهم وشتتهم، ومن يشاهد لاعبي الرائد بالمباراة يعي تماما صحة ما ذهبت إليه، فالرغبة في الفوز مفقودة والتوهان الفني واضح، عشوائية في بناء الهجمات، استهتار واستهانة، ثقة مفرطة، تبديلات ليست في محلها مما أفقدهم هويتهم داخل المباراة. في التعاون تجد العكس؛ عندهم تنظيم دفاعي إلى أبعد حد، فمن يشاهد دفاع التعاون في المباراة يُخيل إليه أنه يشاهد دفاع المنتخب الإيطالي، ومن يشاهد الانضباط التكتيكي يُخيل إليه أنه يشاهد المنتخب الإنجليزي، وكل ذلك في كفة ومدرب فريق التعاون الروماني جورجي مولتسكو في كفة أخرى، فالإدارة التعاونية وفقت كثيرا بالتعاقد مع هذا المدرب الذي استطاع أن ينقل التعاون نقلة فنية كبيرة، فالداهية الرومانية قرأ مجريات المباراة في شوطها الأول وسيرها كيفما شاء حتى نهايته، وفي الشوط الثاني أجرى تغييرين غير بهما شكل المباراة، ولم تمض سوى دقائق معدودة حتى جنى ثمار تغييراته، البديل بدر الخميس يتحصل على ركلة جزاء مستحقة ترجمها الهداف محمد الراشد إلى هدف رائع، أما في الرائد فترى العكس، مدرب الفريق البرازيلي لوتشيو أخطأ كثيرا في تغييراته وساهم بخسارة الفريق للمباراة، دخول طلال المشعل غير الجاهز والمنقطع عن المباريات مدة ليست بالقصيرة قتل هجوم الرائد الذي كان يهدد مرمى التعاون في بعض الأحيان، خروج المتألق عبدالمجيد الرويلي الذي أقلق الدفاع التعاوني كثيرا، دخول موسى الشمري متأخرا حرم الرائد من تحقيق التعادل على أقل تقدير كل ذلك ساهم في خسارة الرائد للديربي، ومع هذا كله ضياع ركلة الجزاء المحتسبة للرائد، حيث نفذها المشعل بكل برود واستهتار وتلاعب بمشاعر الجماهير الرائدية، فتسديدة المشعل لركلة الجزاء كانت أشبه بالتمرين الترفيهي، بل إنها لا تنفذ بالتمرين حتى أن المشعل في تلك المباراة بدا مستهترا ومتهالكا في الوقت نفسه وغير مبال بمشاعر الجماهير التي حضرت من كل حدب وصوب لمؤازرة فريقهم، إلا أننا في الوقت نفسه لا نهضم حق حارس التعاون فهد الثنيان الذي تصدى لركلة الجزاء بكل حرفنة واستحق نجم المباراة بكل جدارة واستحقاق، لاعبو التعاون قدروا وقفة وحضور الجماهير التعاونية ووقفة الإدارة بقيادة محمد السراح معهم فبادلوهم التقدير وأهدوهم أحلى عيدية وهي النقاط الثلاث، وفي الرائد دائما ما تجد العكس، فالمثل القائل «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» ينطبق تماما على المشعل ورفاقه الذين تعالوا على المباراة ودخلوا بكل غرور وثقة زائدة ولم يقدروا وقفات جماهير الرائد الوفية ولم يقدروا صنيع رئيس الرائد فهد المطوع الذي بدوره ذلل لهم كل الصعاب ولبى كل مطالبهم، وفي المقابل استهتار واستهانة، فكانت النتيجة الخسارة، واستحق التعاون نقاط المباراة بعد أن أعطى الرائد حقه ولم ينجرف خلف التوقعات وللذين يحاولون تثبيط عزائمهم، فهنيئا لجماهير التعاون بهذا الفريق الذي يقدر الشعار والفريق الذي يمثله .