فازت رئيسة وزراء أستراليا جوليا جيلارد «48 عاما» أمس الأول بغالبية الأصوات في البرلمان بعدما تحصلت على تأييد جديد من نائب مستقل، ما يسمح لها بتشكيل حكومة جديدة في الأيام المقبلة، ويأتي هذا في أعقاب الانتخابات التشريعية غير محسومة النتائج التي شهدتها البلاد الشهر الماضي. وجيلارد، أول رئيسة وزراء لأستراليا، عينت في هذا المنصب قبل أكثر من شهرين خلفا لكيفن راد بعدما خسر دعم أقطاب رئيسيين في صفوف حزبه، وقد نالت دعما حاسما من نائبين مستقلين بعد أسابيع طويلة من المداولات السياسية. وهكذا تنضم «جيلارد» إلى قافلة النساء اللواتي يحكمن العالم، وتعود ظاهرة اعتلاء النساء سدة الحكم، والوصول لقمة هرم السلطة، ليست جديدة أو قاصرة على عالمنا المعاصر، فهي في البدء كانت زوجة أو أم أو ابنة لحاكم، ومن هذا الموقع أثرت نسبيا في إدارة دفة الحكم من خلف الستار في الحضارات القديمة، التي أفرزت لاحقا زعامات نسائية برزت من خلف الستار إلى صدارة المشهد السياسي، ولا تزال محفورة في ذاكرة التاريخ ، مثل حتشبسوت وكليوباترا ونفرتيتي في مصر القديمة، حيث كانت أول تجربة في التاريخ لحكم النساء ، وبلقيس في الجزيرة العربية ، وزنوبيا. وقد تنامى دور النساء في السياسة عالميا في الماضي السحيق، وحسب آراء علماء «الانثروبولوجيا»، كان للمرأة دور مهم فى مجتمعات الصيد البحري وصيد الأسماك في المناطق الباردة والمدارية على السواء، ولهذا كانت هناك آلهة إناث جنبا إلى الآلهة الذكور في الأساطير الإغريقية، وحضارات مصر والشرق الأوسط القديم، ثم اكتشف الإنسان الزراعة واستئناس الحيوان، فواكب هذه التغيرات الاقتصادية سيادة سلطة الذكورة وتضاؤل دور المرأة، مع بعض الاستثناءات. ومع عصر التنوير وتعليم المرأة، الذي واكب النقلة الاقتصادية الكبرى الثانية بالتحول إلى الصناعة، بدأت تطفو على السطح مطالبة النساء بالاشتراك في الانتخابات ، والتي تحولت تدريجيا إلى حق الترشيح في الدوائر الانتخابية، لقد قاوم الرجال في أوروبا هذا الاتجاه فترة، لكنهم لم يصمدوا ، وأصبح دور المرأة في السياسة الغربية واقعا لايستدعي مزيدا من التأمل. ويبدو هذا التراجع التدريجي أمام واقع اختراق المرأة للعمل السياسي جليا، من إحصاء شامل أجري عام 1937 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كانت محصلته أن 65 % من الناخبين رفضوا التصويت للعناصر النسائية المرشحة، وبعد نصف قرن وفى إحصاء آخر، تدنت نسبة الرافضين إلى 12 % فقط، ليصبح الحضور النسائي في عالم السياسة لا يبعث على الدهشة ، ولتنتقل من مرحلة لعب دور سياسي بطريقة غير مباشرة من خلال تقديم المشورة للزوج أو الابن أو الأب الحاكم، إلى مرحلة توجيه السياسة المحلية والعالمية بنفسها بطريقة مباشرة من خلال الوصول إلى سدة الحكم. وهكذا نجحت نساء كثيرات في الوصول إلى مقعد السلطة، كما برزت نساء أخريات لعبن دورا مهما في التأثير في السلطة من خلف الكواليس، وكان بعضهن المحرك الحقيقي للأحداث والقرارات المهمة في بعض الدول