الأرقام التي كشفتها مصلحة الزكاة والدخل عن عدد المكلفين الذين يدفعون ما عليهم من أموال إلى المصلحة تؤكد عمليات التهرب المالي الذي يمارسه كثير من المكلفين في ظل عدم وجود قرار بتضافر جهود مختلف الجهات لحصر المبالغ المتوجب دفعها إلى مصلحة الزكاة والدخل، مع إيجاد آلية تجبر المكلفين بدفعها والالتزام بالسداد. اللافت في الأرقام أن 20 % المكلفين، والمراد بهم أصحاب الأعمال التجارية فقط، يدفعون ما عليهم من التزامات مالية إلى المصلحة، في حين أن النسبة الباقية تتهرب من ذلك، فيما هناك تطور تقني هائل في البلاد، هذه التقنية الموجودة تستطيع حصر المكلف من غيره، وحصر المبالغ المالي التي يجب أن تدفع إلى الخزينة العامة، كما أن لديها القدرة على كشف التحايلات السابقة. التأخر في الدفع للجهات الحكومية إلى أن تسهم في تحديد المكلفين المتوجب عليهم سداد مصلحة الزكاة والدخل تسبب في هدر مالي، هذه الأموال المهدورة حق للدولة، كما أنه مال عام له وجوه محددة ينفق فيها، إضافة إلى أن هذا التأخر ساعد على التراخي في دفع الأموال إلى الدولة، والتعامل مع ذلك على أنه مجرد قرارات لا تنفذ. هذا التصور ناجم عن أن أموال الزكاة التي تجبيها الدولة ليست إلا قرارات لا تنفذ يحتاج إلى عقوبات رادعة، ولن تكون العقوبة رادعة إلا إذا ترتب عليها ما يمنع المتهربين من التحايل على النظام مستقبلا. وما تهدد به مصلحة الزكاة والدخل في أنها في طريقها لإتمام آلية للحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة في حال ثبوت التهرب من السداد أو الامتناع عنه، يجب ألا ينظر إليه على أنه عقوبة في حق المتهرب أو الممتنع، بل هذه الآلية تحصيل حق مستحق الدفع، لكن يبقى هناك الكثير من الإجراءات التي من شأنها أن تسفر عن عقوبات مجدية وأكثر تأثيرا.