شهد سباق البرامج والأعمال الدرامية لهذا العام في شهر رمضان الفضيل خلو القائمة من محاكاة الأطفال وتلمس رغباتهم وميولهم من خلال برامج أو مسلسلات تهتم بشؤونهم واهتماماتهم اليومية في ظل الكم الهائل من الأعمال الدرامية التي تناقش قضايا وهموم المجتمع، حيث تجاهل المنتجون الطفل بشكل غير مقبول، فلم نشاهد عملا موجها لهم بصورة مباشرة، واكتفوا ببعض الإسقاطات في الأعمال الدرامية وكذلك البرامج مرت مرور الكرام، دون الخوض في أدق تفاصيل حاجيات الطفل. على عكس السابق، حيث كانت القنوات الفضائية والمنتجون يهتمون بصورة رئيسية بالبرامج والأعمال التي تلبي رغبات الأطفال، وكنا نشاهد مسلسلات أبطالها نجوم الشاشة الخليجية يقدمونها ومن تلك الأعمال مسلسل «أبو مشعاب» الذي قدمه الثلاثي عبدالله السدحان وناصر القصبي وراشد الشمراني، وكذلك المسلسل الكويتي «الجوهرة والصياد» وغيرها الكثير من الأعمال التي حظيت بأصداء واسعة إبان عرضها. هذا الجفاف الإنتاجي للطفل قد تكون له أسباب عدة منها كثرة القنوات المخصصة للأطفال، وكذلك بحث المنتجين عن الربح المادي في المقام الأول دون النظر الى رغبات وحاجات الطفل من أعمال. وحول هذا الموضوع تحدث لنا بعض الفنانين؛ حيث أكد الفنان فايز المالكي أن العالم بأسره يشهد تراجعا في إنتاج ومستوى أعمال الطفل نظرا إلى أنها في غاية الصعوبة: «لا بد أن تعرف أن أطفال اليوم غير أطفال الأمس؛ حتى نقدم عملا حقيقيا لا بد أن يكون لدينا نص يحاكي الجوانب المهمة في شخصية الطفل، «مو ألبس كركتر أرنب أو ثعلب» وأعيد وأزيد في توزيع النصائح وتوزيع «النكات»، ومثل هذا الشيء الذي كان يحدث قديما، لو حدث في زمن أطفال اليوم فأنا أعتبره استخفافا بعقلياتهم وإمكانياتهم»، وأضاف: «ولو نظرت إلى المسألة على المستوى العربي لوجدت ندرة في أعمال الطفل، وهي من أصعب الأعمال، ولاحظ أن عدم وجود أعمال للطفل ليس مسؤولية الفنان وحده، بل مسؤولية أدوارها موزعة على المنتجين والقنوات الفضائية والمؤلفين، ومن الصعب أن تجمع الممثلين وتصور وتسلمه القنوات الفضائية ليوضع في الأرشيف..! ، لماذا لا تبادر القنوات الفضائية وتطلب عملا للأطفال؟!.. ونحن جاهزون». أما الكاتب سعد المدهش فألقى باللائمة على مؤسسات الإنتاج، واعتبر أن الاهتمام بالأطفال آخر اهتماماتهم: «الموضوع مهم ويحتاج إلى مناقشة كبيرة، خصوصا إذا ما علمنا أن 65 % من مجتمعاتنا الخليجية أعمارهم تحت 15 عاما، وأنا سبق أن كتبت عملا مخصصا للطفل اسمه «مفتاح السعادة»، وسلمته لإحدى القنوات الفضائية، فطلبوا مني البحث عن راعٍ ومعلن..! لأن هدفهم بالدرجة الأولى مادي وليس تثقيفيا أو تربويا، فأصبحت مهمتي مزدوجة، ولم يسبق أن رفع أحد علي «السماعة» وطلب مني عملا للأطفال؛ لذلك من الظلم أن يكتب الشخص عملا ويترك على الرفوف». وطالب المدهش بعمل تخطيط استراتيجي بعيد المدى وتضافر القطاع الحكومي والقطاع الخاص مثل البنوك والمدارس الأهلية الكبيرة تدعم الدراما والمسرح، واختتم حديثه بأنه يملك في مكتبه 13 مسرحية وثلاثة مسلسلات تحمل الفكر والبعد الثاقب على حد تعبيره، وتحتاج إلى منتج شجاع؛ حتى ترى النور، وتقدم للأطفال. من جهة أخرى أشار الفنان بشير غنيم إلى أن هذا موضوع مهم حقيقة وهذا الجفاف الإنتاجي للطفل يعد مؤشرا خطرا على الأطفال: «ما نشاهده من جفاف في الأعمال الموجهة للطفل يعد مؤشرا خطرا على فلذات أكبادنا ولابد أن تحمل الأعوام المقبلة العديد من الأعمال والبرامج الموجهة للأطفال لأنهم يحتاجون لذلك، فالكثير من الأعمال التي قدمت في السابق حظيت بالنجاح وهذا يكفي أن يتجه المنتجون إلى إنتاج أعمال وبرامج للأطفال». من جهة أخرى تحدث الفنان المحبوب من قبل الأطفال فهد الحيان بأسى عن الموضوع، وأكد أن القنوات الفضائية تبحث عن المعلن في الدرجة الأولى وقنوات الأطفال المتخصصة لا تملك الميزانيات الكافية لتقديم عمل يرقى إلى مستوى الطفل، وعند سؤالنا عن جهوده التي قام بها من أجل الطفولة: «أنا أملك نصوصا كلفتني مئات الألوف، وأشرف عليها تربويون وأساتذة جامعات، وللأسف لغياب الدعم أصبحت حبيسة الأدراج؛ لأن السوق يتحكم فيها المعلن، أضف إلى ذلك أنني كل عام أهدي أغنية للأطفال وأوزعها مجانا على القنوات الفضائية وبعض القنوات لا تعرضها ولا ندري ما الأسباب في ذلك..!، وطرحت مجلة «هزار وحصيصة»، وهي مشروع مقدم للأطفال وطرحت قبل فترة «سي دي» أغان للأطفال، إلا أنه لم يلاقِ النجاح المنتظر بسبب القرصنة على النت»، و كان حلمي تقديم برنامج هزار عبر قناة mbc3، واتفقت مع الشيخ الوليد البراهيم على ذلك، لكن الظروف لم تسمح لي بمواصلة المشوار». وأكد الحيان أن عمل دراما للطفل قرار في حاجة إلى وقفة الحكومات بالدرجة الأولى؛ لأن أطفالنا اليوم في خطر من بعض أفلام الكارتون والمسلسلات التي تغرس في نفوسهم قيما دخيلة علينا وتؤدلج أفكارهم بصورة غريبة، وينبغي أن تكون هناك وقفة صادقة وحازمة في ذلك الأمر، ونحن كممثلين مستعدون للمشاركة في هذه الأعمال بشكل مستمر خلال العام الواحد وننقذ أطفالنا من بعض الأعمال التي لا تناسبهم..! .