شيخ المجاهدين في القرن ال 20، ورمز التحدي الإسلامي للفاشية الإيطالية، وصاحب المقولة الأشهر في تاريخ حركات المقاومة، وهي «نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت». ولد عمر المختار عام 1862، وقيل: 1858، وكان والده مختار بن عمر، من قبيلة المنفة من بيت فرحات في منطقة الجبل الأخضر. توفي والده في رحلته إلى مكة لأداء فريضة الحج، فعهد إلى رفيقه أحمد الغرياني «شقيق شيخ زاوية جنزور الواقعة شرق طبرق» بأن يبلغ شقيقه أنه عهد إليه بتربية ولديه عمر ومحمد، وتولى الشيخ الغرياني رعايتهما محققا رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم. ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل، فحاز اهتمام ورعاية أستاذه المهدي السنوسي، وتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه المهدي: «لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم». ولثقة السنوسيين به ولوه شيخا على زاوية القصور بالجبل الأخضر. ومع بدء القصف الإيطالي للسواحل والمدن الليبية في سبتمبر 1911، سارع المختار إلى مراكز تجمع المجاهدين، حيث ساهم في تأسيس دور بنينة وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة. وشهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912 وتوقيعهم «معاهدة لوزان» التي بموجبها حصلت إيطاليا على ليبيا، أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913، حيث قتل فيها للإيطاليين عشرة ضباط و 60 جنديا و 400 فرد بين جريح ومفقود، إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم. ومعركة بو شمال عين مارة في 6 أكتوبر 1913. وفي معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930، سقطت من المختار نظارته، ووجدها أحد جنود الاحتلال وأوصلها لقيادته، وعندما رآها قائد القوات الإيطالية جراتسياني قال: «الآن لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوما ما». وفي 11 سبتمبر عام 1931، وبينما كان المختار يستطلع منطقة سلنطة في الجبل الأخضر في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية مكانه، فأرسلت قوات لحصاره ولحقتها تعزيزات، واشتبك الفريقان في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدو، فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قتلت فرسه تحته وسقطت على يده، ما شل حركته نهائيا. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، وسرعان ما حاصره جنود الاحتلال وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلى مرسى سوسة في الجبل الأخضر ومن ثم وضع على طراد نقله رأسا إلى بنغازي، حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي أخريبيش. وبعد أيام عقدت للشيخ الشهيد محكمة صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي، وبعد ساعة من بدئها صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقا حتى الموت، فلما ترجم له الحكم، قال الشيخ: «إن الحكم إلا لله، لا حكمكم المزيف.. إنا لله وإناإليه راجعون».