مع التقنية وسهولة انتشار الشائعات والأكاذيب أصبح من السهل السخرية منا كمسلمين، لأن البعض منا يؤمن بالمعجزات إيمانا جازما ولا يرجع للمنطق، ومن القصص التي تبين تصديقنا لبعض الخزعبلات، ما تداولته مواقع الإنترنت عن امرأة سخرت من القرآن الكريم فمسخها الله كنغرا، وانتشرت هذه الصورة انتشارا فظيعا قبل أن تظهر حقيقة أن هذه المرأة ما هي إلا تمثال تم صنعه كنموذج للبحث والدراسة في علم الهندسة الوراثية. لكن شغفنا بالمعجزات لم يتوقف، فقد تداولت مواقع الإنترنت عن معجزة تمنعنا من كتابة كلمة con كاسم لمجلد في الكمبيوتر، وقد فسر البعض السبب هو أن كلمة con تأمر الجهاز ب«كن فيكون»، بينما لم نفكر لماذا لا تحصل المعجزة هذه مع كتابة كلمة con باللغة العربية «كُن» من باب أولى كونها هي اللغة التي نزلت بها الآية الجليلة «كن فيكون». والحقيقة التي يعرفها من يملك حتى معلومات سطحية في مجال الكمبيوتر هي أن كلمة con اختصار لكلمة console والتي تعني الشاشة ولوحة المفاتيح، وهي كلمة محجوزة لمجلد خاص في نظام ويندوز، ورغم هذا يوجد طرق أخرى يمكن بها أن نكتب كلمة con كاسم لمجلد أو ملف. ما يؤلم هو أن بعض الشباب المسلم المتحمس هم من يؤلفون هذه الأكاذيب، معتقدين أنها ستشعر الناس بالخشية واستشعار عظمة وقدرة الخالق سبحانه، وأن هذه الأكاذيب ستكون سببا لعودة الناس إلى الطاعات والعبادات، وفي هذا تناقض واضح فكيف تكون الدعوة لله مصحوبة بالكذب؟! وهناك مصدر لتلك الخدع، وهي أن بعض الملحدين يريدون السخرية من المسلمين وطريقة تفكيرهم؛ لذلك ينشرون تلك القصص الخرافية في منتدياتنا، ومع الأسف ينشرها الأعضاء في هذه المنتديات. التسليم بهذه القصص ونشرها سذاجة كبيرة وتسطيح وإلغاء للعقل، فلا بأس بالسؤال والاستفهام والشك وعدم الاقتناع خاصة تلك الأمور التي لا توافق العقل، لأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو عين المنطق والواقعية، ومن التناقض أن نفكر بسطحية ونبعد التفكير والتحليل ونحن نعبده سبحانه ونشكره ليل نهار.