نجحت القناة الأولى في التليفزيون السعودي في تقديم موسم رمضاني استثنائي كان سمته الرئيسية التنويع في المحتوى المرئي، والاعتماد على الإنتاج الخاص بها، ولم تكتف بالمواكبة بل استطاعت سحب البساط من عدد من القنوات الفضائية التي تعود المتابع أن يكون لها قصب السبق في المواسم الماضية، وعادت القناة لاحتواء المشاهدين واقتربت منهم من خلال التركيز على جانبي الدراما والمسابقات والبرامج الدينية، بل كثير من برامج القناة أصبحت تحقق شعبية كبيرة وتحظى بمتابعة تجاوزت المحلية، ولعل الخطوات التي قامت بها القناة قبل الموسم الرمضاني التي من أهمها خلق أجواء التنافس بين المنتجين السعوديين بحثا عن الجودة والمحتوى، بان أثرها على الهيكلة البرامجية الحالية. تحدث ل «شمس» وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد لشؤون التليفزيون المهندس صالح المغيليث، وكشف أن النقلة التي يعيشها التليفزيون السعودي بكل قنواته إنما هي امتداد للنقلة التطويرية التي تمثلت في افتتاح عدد من القنوات مثل «القرآن الكريم، والسنة النبوية، وأجيال، والثقافية والاقتصادية»، وتطوير الاستوديوهات الداخلية، وذلك ما لمسه المشاهدون في البرامج المعروضة: «بدأنا بإعادة تشكيل البنية التحتية في التليفزيون وبفتح عدد من القنوات، ما أعطانا مساحة كبيرة للتحرك، وكان معنا الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة في أدق التفاصيل، وذلل لنا بعض المصاعب التي قد تعترضنا، وساعدنا في اتخاذ القرار المناسب، وكان قريبا منا ومتفهما لأدوارنا». وأوضح المغيليث أن الإحساس بأهمية المرحلة جعل جميع العاملين في قنوات التليفزيون يعملون بديناميكية عالية وإيقاع سريع، وأصبح الجميع يعيش مرحلة التحدي مع الوقت الذي أصبح بالنسبة إليهم عنصرا هاما. وبين أن دعم الحكومة والإمكانيات الموفرة للتليفزيون جعلت لزاما عليهم ترجمة هذه الجهود على الشاشة: «الناس ربما لا يعرفون حجم العمل في الكواليس، فهم لا يعترفون إلا بما يرونه على التليفزيون، والحمد لله أننا قدرنا الدعم ووضعنا على عواتقنا تقديم برامج متوازنة دينيا وأخلاقيا». وذكر المغيليث أن التليفزيون السعودي لديه عدد من الالتزامات لأنه حكومي وليس خاصا: «في الشهر الجاري طرأت على برامجنا حملة التبرعات للشعب الباكستاني، فأدت القنوات المحلية ما عليها واستطعنا جدولة الحملة المباركة بنجاح كبير». وأكد المغيليث الذي ينهمك في عمله داخل مبنى الوزارة أنهم لا يملكون عصا سحرية للنجاح أو وصفة سرية، إنما التخطيط الذي كان من إحدى ثمراته المبادرة في تعميد المنتجين السعوديين مبكرا: «هذا العام قدمنا التعميدات قبل رمضان بوقت كاف، نحن نعرف أنه كلما كان الوقت مبكرا، قدم المنتج عملا أكثر جودة، فيما لو تأخرنا كنا سنضع المنتجين المرتبطين بالتليفزيون في حرج، ونتيجة لهذه الخطوة تسلمنا جميع الأعمال في بداية شعبان، واستطعنا أن نسوق لها ونعطي المشاهد فكرة عنها، وكان لدينا الوقت الكافي للتواصل مع المعلنين». وعند سؤاله عما إذا كان البحث عن معلن إحدى الخطوات المهمة التي سينتهجها التليفزيون في المرحلة المقبلة، ذكر المغيليث أن إيجاد دخل مساند للموازنة هو نمط عالمي وليس محليا: «الإعلان ليس هدفنا فنحن نجد الدعم الحكومي ونستطيع الإنفاق بما هو متاح لدينا، ولكن النجاح هو الذي يجلب المعلن لنا، فإذا وجدت المادة المرئية الناجحة على الشاشة التي تحظى بشعبية، حتما سيأتي إلينا المعلن، والعملية طردية، فنحن يهمنا جودة ما يعرض لدينا بالدرجة الأولى». وحول تخوف المشاهدين من تراجع مستوى البرامج بعد شهر رمضان أوضح المغيليث أن عجلة العمل لن تتوقف ومستمرة طوال شهور السنة، مبديا اعتزازه بالأعمال والبرامج التي قدمها التليفزيون العام الجاري: «نحن نفتخر بحجم العمل المنجز وأن جميع قنوات التي يبلغ عددها تسع قنوات واكبت الشهر الكريم ببرامج خاصة وتحظى بجماهيرية كبيرة، منها على سبيل المثال برنامج «فوانيس» على القناة الرياضية، وكل القنوات عملت بما يواكب خصوصية الشهر الفضيل». وطمأن المغيليث المنتجين السعوديين أنه سيكون لهم نصيب كبير في دورة شهر محرم المقبلة: «الوزير عبدالعزيز خوجة حريص على دعم المبدعين السعوديين، والدورة المقبلة مرتبطة بالموازنة، ولن نستبق الحديث عنها». واختتم المغيليث حديثه مؤكدا أن الجميع في الوزارة يتقبل الاقتراحات والنقد البناء والتوجيه، سواء عن طريق الإعلام أو مقابلته شخصيا. من جهة أخرى، أكد مدير القناة الأولى الدكتور محمد باريان أن القناة تعمل وفق آلية يجب أن تعمل بها منذ فترة طويلة، حتى تكون في أجواء المنافسة، وركزت على البيئة المحلية وعلى احتياج المشاهد السعودي وما يتمناه أو يطلبه وفق رؤية معينة، وما يعرض الآن على الشاشة هو محصلة انتقائية لعدد من اللجان التي عملت في الفترة الماضية داخل أروقة التليفزيون من أجل فرز الأعمال المقدمة لهم: «نحن جميعا في الأصل مشاهدون، لذا لن نتوقف عند رمضان الجاري بل فلسفتنا أن يكون العام كله بالجودة نفسها ومحتوى رمضان، ونحن في التليفزيون السعودي نملك كل مقومات النجاح التي من أهمها دعم المسؤولين، كما نملك الفكر والروح التي تجعلنا نصل إلى أعلى المستويات». ووعد باريان مشاهدي القناة الأولى بأنهم لن يروا على الشاشة إلا الدراما الراقية والبرامج التي تجمع بين الإمتاع والتثقيف، وعبر باريان عن شكره وتقديره لجميع المنتجين الذين تقدموا في الفترة الماضية بأعمالهم، مؤكدا أن القناة مفتوحة لهم ويجمعهم السعي المشترك لتقديم الأعمال الجيدة التي تنال استحسان المشاهد المحلي. وعند سؤاله عن عودة الطيور المهاجرة إلى القناة الأولى، أوضح باريان أنه يكن المحبة لجميع الفنانين السعوديين وجميعهم مرحب بهم للعمل مع التليفزيون: «عبدالله السدحان وناصر القصبي أو فهد الحيان وحسن عسيري، جميعهم انطلقوا من القناة الأولى، وفي أي وقت الأبواب مفتوحة أمامهم للعمل مع التليفزيون ونحن نفرح كثيرا ونفخر بجميع فنانينا». يذكر أن القناة الأولى أعلنت الخطة البرامجية الرمضانية في مارس الماضي، وتشمل مسلسل «سكتم بكتم» وهو من بطولة الفنان فايز المالكي ويتناول القضايا والمشكلات الاجتماعية والإدارية والأسرية، ومسلسل «مزحة برزحة» من بطولة الفنان محمد العيسى، ويناقش في كل حلقة مشكلة اجتماعية بقالب فكاهي، ومسلسل «الصراع» بطولة الفنان عبدالمحسن النمر، ومسلسل «شيكات» بطولة الفنان يوسف الجراح، ومسلسل «فينك» بطولة الفنان تركي اليوسف ومروة محمد. أما على صعيد المسابقات التليفزيونية، فيسجل برنامج «سباق المشاهدين» حضوره للعام الثاني على التوالي بعد انقطاع أربعة أعوام، ويقدم أيضا برنامج «عيش سفاري»، وبرنامج «دقت ساعتك»، إضافة إلى مسابقة الأطفال والمسابقة الدينية. وفيما يخص البرامج الدينية، فتشمل برنامج «الإفتاء» ويبث على الهواء مباشرة، وبرنامج «الخيمة الرمضانية» الذي سيتنقل بين مدن المملكة ويبث على الهواء، وبرنامج «المطبخ الرمضاني»، ويبث أيضا على الهواء، إضافة إلى البرامج التي يتم إنتاجها داخل استوديوهات التليفزيون من مدن المملكة، وكذلك نقل الصلوات وصلاة التراويح والتهجد .