يؤكد مدير مكتب الدعوة والإرشاد في البطحاء الشيخ نوح القرين، أن المعاناة لا تقف عند حد معين، حيث نشاهد العديد من المواقف المحزنة: «فعندما يدخل شخص في الإسلام وتصطحبه إلى أقرب مسجد بجوارك لأداء الفريضة تجده يتفاجأ بعدم الاهتمام بالمساجد من ناحية دورات المياه التي نقف فيها وقتا طويلا حتى يأتي دورك والمياه تتساقط من فوق، وتجد كذلك العديد من المصلين متكدسين خارج المسجد فمنهم من يؤخر الصلاة من شدة الزحام»، مشيرا إلى أن التجار لا يفقهون أن الأجر الأعظم هو أن يصلي أكثر عدد من المصلين في المسجد وليس بالزخرفة والزينة. أما إمام جامع الصانع الكبير جنوبالرياض الشيخ بدر الفلاج، فيشير إلى أن العديد من التجار للأسف يقبلون على بناء المساجد الجديدة في الأحياء الراقية رغبة في زيادة الأجر، وعدم المشاركة في الأجر الذي أعده الله لمن بنى بيتا من بيوت الله: « يرى بعض المتبرعين أن الأفضلية في بناء مسجد جديد يعود إلى إمكانية حمل المسجد اسمه حتى يذكره الناس بالدعاء، وفي ذلك الأجر معلوم عند الله ولو لم يكتب اسم صاحب المسجد، ولذلك على المتبرعين ببناء المساجد أن يعودوا إلى أهل العلم حتى يساعدوهم في اتخاذ القرار الذي يفيد المسلمين». ويلفت الفلاج إلى تزايد أعداد المساجد والجوامع في الأحياء الراقية، التي تكلف كثيرا من الملايين، ولا يوجد فيها حشد من الناس، لا يتجاوز روضة المسجد: « في الأحياء الشعبية أو غيرها العديد من المصلين يؤدون الصلاة في الشارع لعدم قدرة المسجد على استيعاب هذا العدد الكبير، وهناك حالات يتم النهي فيها عن بناء المساجد شرعا في غير الحاجة، وينبغي على المتبرعين النظر في المساجد الآيلة للسقوط، التي توجد بها مناشط عديدة، من حلقات تحفيظ، ومحاضرات، وغيرها، وهي في أمس الحاجة إلى من يعيد بناءها من جديد، وأجرها أفضل من أجر من يبني مسجدا ليس الناس في حاجة إليه». وطالب الفلاج بضرورة مراعاة المسافات بين المساجد: «لابد أن تراعي المخططات البلدية مسألة تباعد المساجد في الأحياء، حتى لا تتداخل الأصوات، غير أن المشكلة تبقى في أن بعض التجار يقصدون شراء الأرض ويقومون ببنائها، ما يتسبب في فرقة بين المسلمين، والتشويش على المساجد الأخرى، وهو ما لا شك فيه لا يجوز شرعا». وأيد وجود مراكز إسلامية مثل الموجودة في بعض الدول الأوروبية، التي تكون متكاملة في تقديم جميع ما يحتاج إليه المسلم، من مستشفيات خيرية، وتعلم لعلوم القرآن واللغة العربية، ومعاهد حاسب آلي، ومركز مكافحة للمخدرات ومعالجة السلوكيات الخاطئة، وتصرف جميع الأموال في دعم المراكز والأنشطة التي تعود بالنفع على المجتمع. من جهة أخرى، يذكر نايف الجيدل أن هناك مساجد جديدة بها أفخم أشكال الزينة والزخارف الإسلامية، ومفروشة بأجود أنواع السجاد، ولكن عدد مصليه لا يتجاوز الصف الأول، بينما في مسجد آخر تبدو الصورة مختلفة أكثر، فهو قديم تصدعت جدرانه، والفرش البالية لا تستر كامل الأرضية، بينما يمكن أن تلحظ مسنا يفترش سجادة من كرتون ليصلي عليها، بينما تنبعث روائح لا تليق بقدسية المكان بسبب دورات مياه عشوائية ومتهالكة. ودعا التجار إلى الالتفات لتلك المساجد، لأنها في أمس الحاجة إلى مد يد العون والمساعدة. ولا تختلف المعاناة لدى الكثيرين ممن عاشوها على أرض الواقع، ويوضح أحد المصلين من جامع نداء النهير في محافظة حائل جزءا من ذلك: «الجامع يعاني منذ أعوام عديدة، فعمره يزيد على 80 عاما، وهو الوحيد الذي يصلي فيه ما يزيد على 800 مصل في يوم الجمعة، ومعاناتنا لا تقف عند حد معين، طالبنا منذ أعوام وزارة الشؤون الإسلامية بالتدخل السريع في إعادة بنائه، وأحضرنا ورقة من الدفاع المدني تفيد بأن الجامع آيل للسقوط، وشكلت لجنة، ورفع الملف إلى «الشؤون الإسلامية» ولم تصل إلينا أي إفادة»، ويضيف: «كبار السن في الجامع يعانون الدخول، وعدم جودة الفرش الأرضي، إضافة إلى الغبار المتناثر في كل مكان من الجامع»، مشيرا إلى أن كل جزء في الجامع توجد فيه معاناة، كما أن دورة المياه معطلة ولا تعمل، والعديد من المقيمين والزائرين يعانون عدم توافرها. أما نايف عبدالله فتناول أبعادا أخرى للمعاناة: «المساجد في بعض الأحياء لا توجد بها مقومات المسجد الرئيسة، حتى أن بعضها لا تعمل بها السماعات الخارجية، فضلا عن سوء دورات المياه»، مبينا أن العديد من المساجد إذا تعطلت فإنها تبقى على حالها إلى أجل غير مسمى، حتى يقوم شخص متبرع بإصلاح الخلل: «المساجد تحتاج إلى صيانة دورية، فضلا عن المساجد التي تحتاج إلى إعادة ترميم» .