لا يبدو أن أمانات المدن في أفضل حالاتها لا سابقا ولا حتى الآن. قبل أسابيع استقال المجلس البلدي في منطقة نجران جماعيا احتجاجا على ما وصف ب«الفساد المالي والإداري»، الذي شكلت إمارة المنطقة لجنة للتحقيق فيه. أمس فقط، نشرت صحيفتان يوميتان خبرين محورهما مخالفة أمانتي نجرانوجدة للمواصفات. في الخبر الأول أكد نائب رئيس المجلس البلدي بنجران المستقيل مسعود آل حيدر أن جميع مشاريع أمانة المنطقة تنفذ «خلاف المواصفات وبطرق عشوائية»، لافتا إلى «احتكار مؤسسات وشركات معينة لمشاريع الأمانة رغم عدم كفاءتها التنفيذية». «صحيفة المدينة». في صحيفة الحياة اتهم مقاولون أمانة جدة بعدم التزامها بالشروط وبأنها «تفضل السعر الأقل على حساب الجودة». ومع أن كل هذه الدعاوى ليست إلا أقاويل لا تسندها وثائق، إلا أن كل الأدلة والقرائن تشير إلى صحة كل ما يثار ليس حول الفوضى وحسب، بل وإمضاء المحسوبيات على حساب الجودة في تنفيذ المشاريع. لا أعرف عن نجران، لكن في جدة وحدها التي أمضيت فيها معظم سني حياتي، يبدو الوضع وكأن «كل من إيده إله» كما يقول السوريون. تشعر بأن المشاريع في كل زاوية، لكن ما ان ينتهي مشروع ما حتى تظهر عيوب يمكن حتى للأعمى اكتشافها. هذا عدا إقامة مشروع آخر مكان المشروع نفسه بعد عدة أشهر وكأن هذه المشاريع تصدر عن جهات متعددة رغم أن مصدرها واحد.. «الأمانة». وبالطبع، أظهرت الأحداث الأخيرة في جدة أن كثيرين كانوا يعملون في «الأمانة» كانت الأمانة آخر اهتماماتهم. الحديث عن تجربة الأمانات، يطول. وأعتقد أن التجربة نالت حظها سنين عددا. فيما النتائج لا تسر صديقا ولا عدوا. وإذا كان ولا بد من استمرارها فلا بد من جهة عليا في كل مدينة تراقب وتحاسب وتتابع وإلا فإن المال السائب.. إلخ. لست أعرف لماذا لا تعمم تجارب الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والهيئة الملكية للجبيل وينبع بحيث يصبح لكل مدينة هيئة عليا. هذه تجارب مذهلة لا بد من الالتفات إليها، وربما تنقذنا من العشوائية والفوضى وتنفيذ المشاريع غير الأمين الذي بات صفة ملازمة لأمانات المدن.