قلت أمس إن «البديل» إما أن يكون شيئا مشكوكا في قيمته وأهليته، أو يصبح، على النقيض، صرعة تطير بها الركبان. في حياتنا اليومية، ومع الضغوط المتزايدة، غالبا ما نهرب إلى الخيال وأحلام اليقظة. نفكر في بديل ما لوضع ما. كم رجل يفكر في بديل لزوجته التي مل النظر إلى وجهها والاستماع إلى أحاديثها المكررة. كم زوجة تفكر في بديل لمنزلها الذي يزداد ضيقا مع كل طفل جديد أو على الأقل تبديل أثاث المنزل بآخر على أحدث موضة كما فعلت جارتها. ومن من المراهقين لم يفكر كيف لو أنه ولد لعائلة بديلة أغنى توفر له أسباب الرفاهية بعد أن «زغللت» عينيه مناظر سيارات فارهة يقودها شبان في مثل عمره. كم موظف ايضا يمضي يوما دون أن تمر بخاطره وظيفة بديلة بمعاش أكبر تنقذه من أزماته المالية.. إلخ. علينا أن نعترف أن «بديل»، كلمة من أربعة أحرف، غير أنها تستيقظ معنا وتصحبنا كظلنا، حيثما نتجه. لكن، أيهما أفضل؟ وضعنا الأساسي -على علاته- أم البديل الماتع والمتخيل؟ شخصيا لا أعرف. قد يكون لكل حالة جوابها الخاص. على أي حال، يبقى البديل شيئا لن يخلو من سحر ولذة الجديد، حتى لو كانا لذة وسحرا مؤقتين. أمس كان يحكي صديقي ثامر المحيميد عن شخص كان هدفه الوحيد في الحياة البحث عن حياة بديلة لحالة الفقر التي يعيشها. وصل إلى هدفه الأول، لكنه تحول إلى التفكير في بديل لحالة «المليونير». أصبح البديل المتخيل الجديد هو أن يصبح «مليارديرا». لا يزال في رحلة التبدل هذه، لكن مع إضافات جديدة هي إصابته بالسكري والضغط وإهمال تام لأسرته. ربما ينجح. لكن بالله عليكم ما الفائدة؟! «البديل» ربما يكون ماتعا في الخيال فقط. شيء يشبه فسحة الأمل التي نتزود بها لنشعر بلذة العيش، كما يقول الشاعر. إلا أن واقعنا على مراراته، أحيانا، قد يكون أفضل كثيرا من بدائل نعتقد أنها ستغير مجرى حياتنا إلى الأفضل.