ارتبط شهر رمضان بعادات وسلوكيات لا تتغير، فبقدومه تعود الحياة إلى المحال والبسطات الشعبية بعد ركود طويل، وتنشط مبيعاتها بشكل كبير، حيث تعرض أنواعا من السلع الرمضانية المميزة، إلا أن الملاحظة الجديرة بالذكر والدراسة هي ارتفاع مؤشر العصبية التي تنتاب البعض والتي تبدو واضحة في السرعات العالية التي يقود بها البعض سياراتهم، وضيق البعض وسرعة غضبهم التي تبدو واضحة في أحاديثهم ونقاشاتهم في أبسط الأمور في الشوارع والأسواق وغيرها. خلال جولة «شمس» في أسواق وشوارع جدة بدا لافتا انتشار محال وبسطات بيع الأطعمة الشعبية إلى جانب وجود بعض السيدات اللاتي يعملن على بسطات أرضية، ومنهن أم أحمد التي تبيع الجريش والقرصان والسمبوسة واللقيمات منذ أعوام «استعددت لهذا الشهر قبل أسبوعين، حيث أحضرت كل مواد الأطعمة الشعبية الشهيرة وبمساعدة بناتي قمنا بإعدادها وتجهيزها استعدادا لتلبية طلبات المستهلكين خاصة الشباب». وبالقرب من بسطة أم أحمد يصطف عدد كبير من الزبائن لشراء الفول والتميس وهي الوجبة الرئيسية لأغلب أهالي جدة، وذكر عامر، صاحب محل فول، أن استعداداتهم لرمضان بدأت مبكرا، حيث تم توفير كميات كبيرة من المواد اللازمة، إلى جانب الاستعانة بالعمالة الماهرة في إعداد الوجبات، وذلك لمقابلة الازدحام الذي تشهده محال الفول «رمضان له نكهة خاصة بالنسبة إلينا نحن أصحاب المحال الشعبية، لأنه يعوضنا عن الركود الذي نعانيه في فترات مختلفة من العام». وأضاف أنهم يعمدون أيضا لتوفير بعض الأطعمة الأخرى التي تلقى رواجا كبيرا مثل اللقيمات والسمبوسة والخبز بالصاج. الشباب والمطاعم ويجد الشباب العزاب في المطاعم الفرصة لتوفير طعام الإفطار خاصة لمن لا يجيدون التعامل مع المطبخ. والملاحظ أن «الكبسة» لا تزال خيارهم المفضل، وأشار بشار، عامل في مطعم كبسة، إلى أنهم يبدؤون العمل في رمضان بعد صلاة الظهر لطبخ وتجهيز الكبسة سواء بالدجاج أو اللحم، لافتا إلى أن معظم زبائنهم من الشباب يتوافدون عليهم قبل صلاة المغرب بساعة لدرجة أنهم يضطرون للإفطار في المحل والبقاء بعد صلاة المغرب لأكثر من نصف ساعة لتلبية طلبات الزبائن. وذكر الشاب صالح الموسى، من الرياض، أن هذه هي زيارته الأولى لجدة بعد أن فرغ من أداء العمرة، وكان من الطبيعي أن يلجأ للمطاعم حيث فوجئ بتوفر الأطعمة الشعبية من كل الأنواع. شراب السوبيا تظل السوبيا أحد أهم المشروبات في الحجاز والأبرز على المائدة الرمضانية، حيث يباع هذا المشروب أمام المحال التجارية والمحطات والمراكز والشوارع. أحد باعة السوبيا ويدعى أمجد الزاهر، ذكر أنهم يحضرون كميات كبيرة من السوبيا من مكة ويقومون بتعبئتها في أكياس مختلفة الأحجام، فهناك كيس بخمسة ريالات وآخر بعشرة وهكذا. مضيفا أن السوبيا الحمراء هي الأكثر طلبا «نشهد إقبالا كبيرا خاصة قبل الإفطار باعتباره مشروبا ذا نهكة مميزة وفوائد صحية وأفضل بكثير من أنواع المشروبات الغازية والعصائر الصناعية». وذكر أنه كان يبيع في العام الماضي نحو 50 كيسا يوميا. العصبية والحوادث لكن في مقابل هذا الزخم في الأسواق تشهد شوارع جدة أيضا زخما من نوع آخر، حيث تتسيد السرعة الطائشة الموقف بشكل يؤدي إلى كثير من التجاوزات الأخطر؛ كقطع الإشارات الضوئية لاسيما قبل موعد الإفطار، والمحصلة النهائية ارتفاع في معدلات الحوادث المرورية. وقد يعود هذا السلوك إلى العصبية التي تصيب البعض دون مبرر والتي تبدو أيضا واضحة في المطاعم الشعبية شديدة الازدحام حيث تكثر المشادات بين المتزاحمين في أمور لا تستحق وبعضهم يدخل في مشاجرات بسبب الوقوف الخاطئ للسيارات .