تعاني البرازيل مشكلة خطيرة: اقتصادها ينمو بسرعة كبيرة. لا توجد أي مزحة هنا. في البيئة العالمية التي يسودها اليوم تباطؤ النمو وتزايد المخاوف من وقوع «ركود مزدوج»، فإن أي كلمة تشير إلى هذا التحدي الغريب الذي يواجه صناع القرار البرازيلي تبدو وكأنها إعداد لإطلاق نكتة. والبرازيل، مثل العديد من بلدان أمريكا اللاتينية، أظهرت مرونة مدهشة في مواجهة بيئة اقتصادية صعبة تتراقص عبر الحدود. وأصبحت المنطقة، التي كانت تسودها تعبيرات مثل المجلس العسكري الحاكم والزعيم المطلق، والدول التي كانت لعقود من الزمان مصدر إلهام لرسوم كاريكاتورية عن الفساد وسوء الإدارة وعدم الكفاءة، أصبحت الآن المكان الذي يوجد فيه زعماء محليون يتميزون بالدهاء وقادرون على وضع سياسات اقتصادية متقنة أدت لانبهار خبراء التنمية في لحظة تاريخية حاسمة. ووجد رؤساء دول مثل البرازيل وتشيلي وبيرو وكولومبيا وغيرها، السر الذي استعصى على الكثير من الذين سبقوهم. ولعبت سياساتهم دورا في سحب الناس من براثن الفقر، وتكوين طبقة وسطى كبيرة، ورفع مستويات المعيشة، وتخفيف حدة الصراع الاجتماعي. والدولة الوحيدة التي يتوقع أن تبقى في حالة ركود هي فنزويلا لأنها لم تتبع الصيغة الناجحة لجيرانها، وتفرغت للتوترات السياسية مع كولومبيا. وفي بيرو، حققت معدلات نمو الاقتصاد أرقاما مذهلة، ولكن النمو كان بطيئا في تحسين وضع الفقراء. ولا يزال الحد من الفقر هو الهدف الرئيسي لقادة البلاد. أما المكسيك، التي عانت كثيرا الركود، فقد بدأت الآن العودة إلى النمو. على العموم، يبدو أن معظم دول أمريكا اللاتينية دخلت في الأخدود المؤدي إلى السعادة. وللاحتفاظ بهذا الوضع لأطول مدة ممكنة، فإن ارتفاع معدلات النمو وحدها لن تفعل. سيتعين على الحكومات التركيز الشديد على التخفيف من حدة الفقر ومكافحة أعداء التنمية: نقص التعليم والتدريب، وعدم التنويع الاقتصادي، والفساد المتفشي. وإذا كان الزعماء قادرين على التحرك في الاتجاه الحالي، فإن المنطقة ستكون قادرة على التخلص من ماضيها الكوميدي وتصبح موضع حسد من الدول النامية.