كان حديثي معكم في الأسبوع الماضي حول «ساهر الأخطبوط» الذي لا يفلت منه أحد أيّا كان مستواه ومنصبه، وتناولت بعض العلل التي جعلت الغالبية العظمى من الشعب تعارض هذا النظام الذي يأكل الأخضر واليابس، وأنه لا يجب عليه - ساهر - الصيام لا ليلا ولا نهارا، بل كتُبَ عليه أن يعيش على وأد أحلام الآخرين وكفكفة دموعهم في نفس الوقت. كنتُ مع أحد الأصدقاء الأسبوع الماضي نتحدث حول هذا الموضوع، فقال لي إنه وهو خارج من دوامة صاده السيد ساهر بسرعة 128كم في الساعة والسرعة المحددة 120 كم بمخالفة قدرها 500 ريال أي ما يقارب خمُس راتبه وهو يقول مبتسما: «ساهر أصبح ابنا لكل أعزب ويجب أن نضيفه لدفتر العائلة وعلينا تربيته والصرف عليه»! يقول القائمون على هذا النظام إنه ما جاء «ساهر» إلا من أجلكم أيها الشعب، للحفاظ على أرواحكم التي أكلها الحديد وأزهقتها السرعة. والكل متفق على هذا الكلام، ولكن هل تعالج الحمى بالماء الساخن؟ وهل يعالج ماء العين بالفلاش أو بالمبيد «ريد»؟ بمعنى آخر إذا كنّا نردد جميعا قوله تعالى «المالُ والبنون زينة الحياة الدنيا»، ونردد أيضا أن «المال عديل الروح»، والسيد ساهر ما جاء إلا للحفاظ على الروح على حساب عديلها؛ فهل هذا المنطق مقبول؟ هل نقتل عديل الروح لأننا نزعم أو نؤمن بأننا نحافظ على الروح؟ أين الأمة التي مدحها الله بالوسطية في كل شيء؟ فمن بنود المخالفة على موقع المرور [تجاوز السرعة المحددة بأكثر من 25 كيلو مترا في الساعة غرامتها من 500 إلى 900 ريال. كيف يأخذ صاحبنا مخالفة بقيمة 500 ريال وسرعته 128كم على طريق سرعته 120كم؟ إلى متى يحمل إخواننا وأبناؤنا أخطاء اختراعات الآخرين؟ كثير من التطبيقات والمشاريع ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها فيه العذاب.