قبل وقت قصير من وفاته عام 1830، سأل سيمون بوليفار الطبيب بقوله: « كيف سأخرج من هذه المتاهة؟»، وكان بوليفار، بطل استقلال أمريكا الجنوبية الأكثر شهرة، يعاني وحيدا قبل أن توافيه المنية لسوء حظه في كولومبيا بعد الإطاحة به من السلطة في بلاده فنزويلا، وسط عبارات الاستهجان ضده بوصفه طاغية. ورغم ما قيل عن أن رحيله كان بسبب مرض السل، إلا أن نظريات المؤامرة أحاطت بهذا الأمر لفترة طويلة. ويعد رئيس فنزويلا هوجو تشافيز من أكثر الذين تبنوا هذا الموقف، ولم يقبل قط فكرة أن المخطط العسكري الفنزويلي، الذي حرر الكثير من دول القارة من الحكم الإسباني الذي استمر قرونا، ويطلق عليه بعضهم لقب «جورج واشنطن أمريكا اللاتينية»، قد لقي حتفه لأسباب طبيعية وليس نتيجة لدسيسة. لذلك عندما قدم أحد العلماء الأمريكيين بحثا، الربيع الماضي، في مؤتمر بجامعة ميريلاند عن أسباب وفاة المشاهير «وفيه أن بوليفار مات من التسمم بالزرنيخ» فقد بدأ تشافيز اتخاذ الترتيبات اللازمة لاستخراج رفات البطل لاختبار تلك الفرضية ومعرفة ما إذا كان مات مسموما من قبل أعداء في كولومبيا. وقبل فجر الجمعة 16 يوليو الجاري، فتح فريق حكومي تابوت بوليفار، حيث تم جلب رفاته من كولومبيا عام 1876. وقال تشافيز معلقا على عملية استخراج الجثة عبر موقع «تويتر» الإلكتروني الاجتماعي: «يالها من لحظات مدهشة التي عشناها الليلة. لقد رأينا رفات بوليفار العظيم». وسيطبق خبراء الطب الشرعي الفنزويلي فحص الحمض النووي والأشعة السينية، وغيرها من التجارب، لتحديد ما إذا كان البطل القومي توفي من جراء إصابته بالسل، أم أنه مات مسموما، كما أشار تشافيز أكثر من مرة. ثم سيعاد دفن الرفات في موقع جديد بعد ذلك. والأطباء ليسوا وحدهم المعنيين بالأمر، لأن نظرية اغتيال بوليفار لها أيضا تداعيات سياسية معاصرة. وتشافيز، الذي تولى السلطة عام 1999، يصر منذ أعوام على أنه هو نفسه هدف لعملية اغتيال، وبالذات من الدول المجاورة، خاصة كولومبيا. ومع تراجع اقتصاد النفط، والمواجهة الانتخابية الشرسة في سبتمبر، يرى منتقدو تشافيز أنه يسعى للاستفادة من إحياء فكرة اغتيال بوليفار لتعبئة قاعدته السياسية.