لم يعد أمام أنديتنا الرياضية هذا الصيف إلا السفر والسياحة والركض نحو دول أوروبا للهروب من هذا اللهيب الحارق الذي يحيط بنا.. غير أن هذا الهروب المعلن هو في الحقيقة يأتي بتجرد وانسلاخ تام من الاحترافية.. فالمعسكرات هناك تقام بمعزل عن الجدية والانضباطية اللتين تتحولان إلى «كل شيء» بمجرد العودة إلى الوطن.. في حين أنهما لا تساويان شيئا في المعسكرات الخارجية وتذوبان أمام الرغبة السياحية الجامحة عند معظم لاعبينا الذين تسيطر على عدد كبير منهم ذهنية التعويض على اعتبار أنهم يمارسون ضغوطا شتى على إدارات أنديتهم للطيران بعيدا عن أجوائنا بحجة «تغيير الجو» و «ما كفتنا الإجازة»، وبالتالي يستغلون هذه التبريرات الجاهزة لتحويل المعسكرات الخارجية إلى نزهة وسياحة و«تمشيات» عوضا عن الجهد الذي قدمه خلال موسم رياضي شاق لم يستطع بعد نهايته أن يحصل على نصيبه من الاستجمام والتحليق كما يجب.. ولا غرابة أن تخضع إدارات الأندية لهذه المطالب خاصة أن فكرة المعسكرات الخارجية تدعم «برستيجا» قويا تمارسه الأندية الكبيرة على طريقة «ما ينقصنا شيء» و«النادي الفلاني ما هو أحسن منا«.. يضاف إلى هذا تبرير لا يمكن أن تنكره هذه الأندية وبخاصة مشاهيرها من لاعبين ورؤساء وهو أن الهروب للخارج يعني في الحقيقة هروبا من واقع أقرب للإزعاج منه للهدوء في فترة ملتهبة لا مجال فيه لفضول أجهزة الإعلام وتطفلها على كل صغيرة وكبيرة تحدث في التدريبات اليومية.. فكان الهروب هو الحل..! وفي واقع الحال نحن أمام «موضة» خادعة سترهق كاهل الأندية الصغيرة التي انجرفت خلف التيار وتناست أنها أمضت موسمها الرياضي للتسويق لنجومها مقابل الاستفادة من ملايينهم قبل حلول فترة الصيف لاختيار دولة أوروبية تتناسب تكاليفها مع قيمة عقد لاعبها المعار أو المنتقل..! وما زاد هذه «الموضة» لمعانا وبريقا هي الانتصارات الساحقة بنتائج كبيرة التي تعتبر فرصة تاريخية للاستعراض والأرشفة.. وتدريب بعض اللاعبين على كيفية هز الشباك وهم الذين لم يحلموا بمعانقتها ذات يوم.. فهذه المكتسبات الوهمية والبراقة لا يمكن لها أن تطور من الأداء أو تجلب الإضافة الحقيقية لأنديتنا ولرياضتنا بشكل عام.