حملة «نبيها أربع» التي تدعو إلى تعدد الزوجات لم تقدم جديدا، سوى التأكيد على بحثنا الدائم عن حلول لا علاقة لها بالمشكلة الأصلية. الحملة التي رأت في نفسها أنها إسهام في حل مشكلة العنوسة في حقيقتها لا صلة لها بالقضية، فمشكلة العنوسة في البلاد ناتجة من عدد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية. أن يتزوج الرجل أكثر من زوجة كحل للعنوسة، هو تسطيح للمشكلة التي تكمن أسبابها في عوامل أخرى، مثل قلة فرص العمل وانخفاض الدخل المالي، وعدم التحصل على المسكن المناسب، وطول أعوام التحصيل العلمي، وارتفاع تكاليف ونفقات الزواج، كل هذه العوامل وغيرها من مسببات العنوسة، وتجاهلها لن يقدم حلا بقدر ما هو تعقيد لها، وزيادة في حالات الطلاق والمشكلات النفسية، فالحلول الوردية التي تقدمها الحملة أشبه بالأحلام الناعمة. إضافة إلى التسطيح في تقديم الحلول، هناك سلطوية فكرية، فالحملة هي حملة ذكورية لحل مشكلة تتعلق بالأنثى، ثم هناك مشكلة أخرى وهي اعتبار القائمين على الحملة أن العنوسة تقود إلى الانحراف، وهذا فيه إهانة للمرأة التي لم تتزوج، وإهانة عامة للمجتمع، فالانحراف الأخلاقي مسألة فردية، وهناك متزوجون يقعون فيه، ولم يحمهم الزواج من الخطأ، لكن الافتراضات والاستنتاجات الغريبة ديدن هذه التوجهات التي لا تزن كلامها قبل إطلاقه. الحملة التي يدعي أنصارها أنها دعوة دينية في المقام الأول، تحتاج إلى مراجعة، فالدعوة الدينية لا تقدم بشكل عشوائي من خلال الإنترنت، فهناك مؤسسات دينية محل اعتبار، هي التي يمكن الركون إليها، مع ضرورة أن تحدد هذه المؤسسات موقفها من مختلف الحملات التي تطلق تحت شعارات دينية، وذلك حتى لا يفهم أن السكوت علامة رضا. أخيرا، العمل على محاربة المحرمات «المفترضة»، له ضوابط إن وجدت هذه المحرمات، وليست فوضى، إضافة إلى أن تعدد الزوجات له شروط وضوابط، يبينها أهل العلم، وليس معرفات في الإنترنت تعلمنا اليوم أنه بعد ما يزيد على 1400 عام أننا نجهل «ماهية العدل».