رغم الإعصار الذي يعتمل في داخله، يخيل إليك للوهلة الأولى وأنت تتفحص ملامحه وهدوءه أن يحيى العلكمي يحتضن حسا أدبيا لفظيا وهو يخاطبك بأدب جم ولغة راقية. في حارة أبي بكر الصديق، ولد العلكمي وبدأت رؤاه تنطلق بعد انتقاله مع عائلته إلى أبها المدينة التي يقول عنها العلكمي: إنها عاشقة ومعشوقة، ولا يتصور بعده عنها. بدأ العلكمي بالرقص باكرا على أنغام الإبداع متنفسا رائحة الريحان والعرعر في جنبات قريته الصغيرة قرب أبها، والتي اتخذ منها مكانا قصيا عن مهاترات المدن ليرسم الإبداع جنوبيا ثم يرسله باتجاه الفضاء. انفتحت للعلكمي آفاق الفكر والثقافة في قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبدالعزيز بعد احتضان تجربته من قبل بعض أساتذته؛ كالدكتور عاصم حمدان، والدكتور عبدالعزيز السبيل، والدكتور عبدالله المعطاني، والدكتور خليل عمايرة يرحمه الله، والدكتور منذر العياشي. ركز العلكمي اهتمامه على تكوينه الثقافي مبكرا من خلال عدد من القراءات التراثية بحكم التخصص، وشق طريقه الإبداعي عبر السرد القصصي متكئا على رصيده من قراءات الرواد لهذا الفن مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس. وبعد عمله في التربية والتعليم اشتغل في البحث التربوي، لكنه ظل تواقا للعمل الإبداعي الذي اختار منه المسرح، فشاركت أعماله المسرحية في مهرجانات داخلية كالجنادرية ومهرجان المسرح السعودي، أو خارجية في مصر والمملكة المغربية. والعلكمي قارئ نهم لولا أن البعض يتهمه بالتكاسل عن نشر نتاجه رغم توافر إبداعه القصصي والمسرحي الذي يحجم عن نشره حتى الآن. وهو مسكون بالقراءات النقدية ومولع بها، ويمكن اعتباره ناقدا بحكم اطلاعه على القصة وخلفياتها، وإلمامه الواسع بالمسرح وعوالمه. يرى العلكمي أن القصة أسلوب حياة ومنهج وعلم لولا أن بعض النقاط السوداء تغشى مسيرة القصة في المملكة، لكنه مصرّ على مواصلة الكتابة والنأي عن الأجواء الثقافية المشحونة التي تفسد عليه مبادئه وإيمانه بمهنية الثقافة وموضوعية الإنتاج ورقي المثقف. يحيى سامق كثيرا كارتفاع قريته التي عاش فيها بداياته، إذ اختار منذ طفولته أن يكون عاليا مثلها دون غرور أو غطرسة.