ذكر مندوب للجامعة العربية كان يحضر مؤتمرا في مدريد أن شابا إسبانيا أتى إليه وطلب منه أن يتحدث باللغة العربية، لأنه يطرب لسماعها حتى لو لم يفهمها، ولا عجب فقد تحركت الجينات العربية في دم ذلك الموريسكي «اسم يطلق على الإسبان من أصول عرب الأندلس». أمر يدعو للاحترام والإعجاب حقا تلك الخطوة الحضارية التي قام بها عدد من الشبان والشابات اللبنانيين بتأسيس جمعية تحمل اسم «فعل أمر» هدفها نصرة لغة الضاد ضد هذا الهجوم البغيض من أبنائها. مدهش وعجيب أمر أولئك الشبان وشجاعتهم في الواقع. لأن واقع الأمة والبلاد العربية كافة هو كما ذكرت الجمعية في رسالتها التنكر ولوك اللسان بكلمات أجنبية بدعوى مسايرة العصر وادعاء العلم. وإن كان التعميم صعبا وربما البعض انجرف مع التيار والبعض الآخر تأثر بسبب إقامته بالخارج للدراسة أو غيرها، المهم أن الأزمة الحضارية التي نعيشها تؤثر في اللغة وتجعلها متأخرة دون شك. الطلاب من فرنسا والبندقية والدول كافة والإمارات الأوروبية كانوا يقلدون العرب في لغتهم ولباسهم أيام دراستهم في الأندلس. لكن اللغة العربية وإن مرضت فلن تموت، بل ستعود إليها عافيتها بحفظ الله تعالى لها ونزول القرآن الكريم بها. وإن استغربت إقدام هؤلاء الشباب على هذه الخطوة وسط دعوات وانتماءات لقطاع من اللبنانيين مرة باسم الفينيقيين ومرة باسم الأوروبيين كما تحاول بعض الدوائر الغربية ترويجه هناك. وميل كثير منهم هناك إلى الحديث بلغة أجنبية، وسط هذه الأجواء المحبطة نهضت هذه الجمعية. لكن زال استغرابي حين تذكرت أن أحفاد الغساسنة القحطانيين يشكلون نسبة من هذا الشعب العريق وهذا سر ضلوع قسم منهم باللغة العربية، تمثل ذلك بالأعمال الأدبية المعروفة والقواميس اللغوية التي جادت بها بيروت على قراء العربية ومتعلميها، تحية إكبار وإعجاب لجمعية «فعل أمر».