خطط تحصين الأمن الفكري أعتقد أنها يجب ألا تغفل الأطفال، ويجب أن تكون ذات استراتيجية بعيدة المدى، بنظرة بسيطة لقوائم المغرر بهم والمنجرفين خلف إزهاق أرواحهم بغرض الحصول على حور العين إنما هم صغار سن بالكاد تجاوزوا سن الطفولة بأعوام قليلة. نهب الإرهاب بعض أبنائنا الصغار من بين أقرانهم في المدارس ليستغل حماستهم وحيوية الطفولة لديهم، حيث إن هذين العاملين يجعلان من السهل غسيل عقل المراهق وجعله مثل قطعة الصلصال اللينة في يد من يريد أدلجتها لأغراض شريرة، فالأطفال الذين هم على وشك الدخول في سن المراهقة يميلون إلى حب المغامرة والمجهول حتى لو كان ذلك على حساب حياتهم وتدمير استقرارهم الأسري ضاربين بعلاقتهم بوالديهم وصلة رحمهم عرض الحائط. ينشأ الطفل في المجتمع العربي منذ صغره وهو يلقن أن فلسطين منهوبة وكأن عليه أن يستردها بنفسه ولا كرامة له إن لم يحاول استردادها كما في أنشودة للصف الخامس الابتدائي تتحدث عن طفل يوادع أمه ويرجوها ألا تبكي لأنه ذاهب لتحرير فلسطين أو ما شابه ذلك، كلمات تلك القصيدة محزنة وكئيبة وكأن الأصل في خلق الإنسان هو البحث عن الموت وليس إعمار الأرض والمحافظة على حياته لأنها أمانة من الله. من جهة أخرى تجد غالبية أطفالنا منجرفين بقوة لقنوات فضائية تستهدفهم عمدا كهدف تجاري عبر أغانٍ موجهة لهم، خالية من السمو العاطفي ومليئة بالهشاشة الفنية واللغوية، هذه القنوات بدأت بجباية أطفالنا علنا أمام كل المسؤولين عن حماية مجتمعنا وحماية أطفالنا بل تجرأت وبدأت تغزونا في عقر دارنا لتنظيم حفلات غنائية لأطفالنا يفوق حضورها الخمسة عشر ألف طفل. المدهش أن نجاح هذه القنوات وأرباحها المادية لم يغر المستثمرين السعوديين المهتمين بالاستثمار الإعلامي، إذ لم يلتفتوا لهذا المشروع ذي الأرباح الطائلة بل يصر بعضهم على الصبر والمكابدة في الاستثمار بقنوات لا تليق بنا كمجتمع سعودي له خصوصيته. ما تفعله القنوات الأردنية الموجهة للأطفال درس مجاني لتجار الإعلام السعودي الذين فقدوا الاتصال بالرأي العام واهتماماته منذ أن انغلقوا على أنفسهم، غير أن ذلك الموضوع يفوق المسألة التجارية ليتماس مع أمن بلد لا يجب إهماله!